وقال ابن عاشور :
﴿ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (١) ﴾
كان كفار قريش يستهزئون فيسألون النبي ﷺ متى هذا العذاب الذي تتوعدنا به، ويسألونه تعجيله، قال تعالى :﴿ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ﴾ [ يونس : ٤٨ ] ﴿ ويستعجلونك بالعذاب ﴾ [ الحج : ٤٧ ] وكانوا أيضاً يسألون الله أن يوقع عليهم عذاباً إن كان القرآن حقاً من عنده قال تعالى :﴿ وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ﴾ [ الأنفال : ٣٢ ].
وقيل : إن السائل شخص معين هو النضر بن الحارث قال :﴿ إن كان هذا ( أي القرآن ) هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ﴾ [ الأنفال : ٣٢ ].
وكان النبي ﷺ يسأل الله أن يعينه على المشركين بالقحط فأشارت الآية إلى ذلك كله، ولذلك فالمراد بـ ﴿ سائل ﴾ فريقٌ أو شخص.
والسؤال مستعمل في معنيي الاستفهام عن شيء والدعاء، على أن استفهامهم مستعمل في التهكم والتعجيز.
ويجوز أن يكون ﴿ سأل سائل ﴾ بمعنى استعجل وأَلَحّ.
وقرأ الجمهور ﴿ سأل ﴾ بإظهار الهمزة.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر ﴿ سال ﴾ بتخفيف الهمزة ألفاً.
قال في "الكشاف" : وهي لغة قريش وهو يريد أن قريشاً قد يخففون المهموز في مقام الثقل وليس ذلك قياساً في لغتهم بل لغتهم تحقيق الهمز ولذلك قال سيبويه : وليس ذا بقياس مُتْلَئِبَ ( أي مطرد مستقيم ) وإنما يحفظ عن العرب قال : ويكون قياساً متلئباً، إذا اضطُر الشاعر، قال الفرزدق:
راحتْ بِمسلمةَ البغال عشية...
فارْعَيْ فَزازةُ لا هَنَاككِ المَرتَع
يريد لا هَنَأككِ بالهمز.
وقال حسان:
سَالتْ هُذْيلٌ رسولَ الله فاحشةً...
ضلتْ هُذيلٌ بمَا سَالت ولم تُصِبِ
يريد سألوا رسول الله ﷺ إباحَةَ الزنا.
وقال القرشي زيدُ بن عمرو بن نفيل ( يذكر زَوجيه ) :
سَألتَانِي الطلاقَ أنْ رَأتَاني