بالعدل في ﴿ خمسين ألف سنة ﴾ من أيام الدنيا. وقد ورد في يوم القيامة أنه كألف سنة وهذا يشبه أن يكون في طوائف دون طوائف. والعامل في قوله ﴿ في يوم ﴾ على قول من قال إنه يوم القيامة قوله ﴿ دافع ﴾ وعلى سائر الأقوال ﴿ تعرج ﴾، وقرأ جمهور القراء :" تعرج " بالتاء من فوق، وقرأ الكسائي وحده :" يعرج " بالياء لأن التأنيث بالياء غير حقيقي، وبالياء من تحت قرأ ابن مسعود لأنه كان يذكر الملائكة وهي قراءة الأعمش، ثم أمر تعالى نبيه بالصبر الجميل، وهو الذي لا يلحقه عيب من فشل ولا تشكك ولا قلة رضى ولا غير ذلك.
والأمر بالصبر الجميل محكم في كل حالة، وقد نزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال. وقوله تعالى :﴿ إنهم يرونه بعيداً ﴾ يعني يوم القيامة لأنهم يكذبون به، فهو في غاية البعد عندهم، والله تعالى يراه ﴿ قريباً ﴾ من حيث هو واقع وآت وكل آت قريب. وقال بعض المفسرين : الضمير في ﴿ يرونه ﴾ عائد على العذاب. وقوله تعالى :﴿ يوم تكون ﴾ نصب بإضمار فعل أو على البدل من الضمير المنصوب. و" المهل " : عكر الزيت قاله ابن عباس وغيره، فهي لسوادها وانكدار أنوارها تشبه ذلك. والمهل أيضاً : ماء أذيب من فضة ونحوها قاله ابن مسعود وغيره : فيجيء له ألوان وتميع مختلط، والسماء أيضاً - للأهوال التي تدركها - تصير مثل ذلك، و" العهن " : الصوف دون تقييد. وقد قال بعض اللغويين : هو الصوف المصبوغ ألواناً، وقيل المصبوغ أي لون كان، وقال الحسن : هو الأحمر، واستدل من قال إنه المصبوغ ألواناً بقول زهير :[ الطويل ]
كأن فتات العهن في كل منزل... نزلن به حب الفنا لم يحطم


الصفحة التالية
Icon