قال القاضي أبو محمد : وهذا هو القول بأنها خبر ابتداء تقديره هي نزاعة، لأنه إذا تضمن الكلام معنى المدح أو الذم جاز لك القطع رفعاً بإضمار مبتدأ أو نصباً بإضمار فعل. ومن قرأ بالنصب فذلك إما على مدح ﴿ لظى ﴾ كما قلنا، وإما على الحال من ﴿ لظى ﴾ لما فيها من معنى التلظي، كأنه قال : كلا إنها النار التي تتلظى نزاعةً، قال الزجاج : فهي حال مؤكدة و: " الشوى " جلد الإنسان، وقيل جلد الرأس الهامة، قاله الحسن. ومنه قول الأعشى :[ مجزوء الكامل ]
قالت قتيلة ما له... قد جللت شيباً شواته
ورواه أبو عمرو بن العلاء سراته فلا شاهد في البيت على هذه الرواية. قال أبو عبيدة : سمعت أعرابياً يقول اقشعرت شواتي، و" الشوى " أيضاً : قوائم الحيوان، ومنه عبل الشوى، و" الشوى " أيضاً : كل عضو ليس بمقتل، ومنه رمى فأشوى إذا لم يصب المقتل، وقال ابن جرير :" الشوى " العصب والعقب، فنار لظى تذهب هذا من ابن آدم وتنزعه.
وقوله تعالى :﴿ تدعو من أدبر وتولى ﴾ يريد الكفار، واختلف الناس في دعائها، فقال ابن عباس وغيره : هو حقيقة تدعوهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، وقال الخليل بن أحمد هي عبارة عن حرصها عليهم واستدنائها لهم، وما توقعه من عذابها، وقال ثعلب :﴿ تدعو ﴾، معناه : تهلك، تقول العرب : دعاك الله أي أهلكك، وحكاه الخليل عن العرب، و﴿ أوعى ﴾ معناه : جعلها في الأوعية تقول : وعيت العلم وأوعيت المال والمتاع، ومنه قول الشاعر [ عبيد بن الأبرص ] :[ البسيط ]
الخير يبقى وإن طال الزمان به... والشر أخبث ما أوعيت من زاد
وهذه إشارة إلى كفار أغنياء جعلوا جمع المال أوكد أمرهم، ومعنى حياتهم فجمعوه من غير حل ومنعوه من حقوق الله، وكان عبد الله بن عكيم لا يربط كيسه، ويقول : سمعت الله تعالى يقول :﴿ وجمع فأوعى ﴾. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٥ صـ ﴾