وقال ابن عباس : يتعارفون ساعة ثم لا يتعارفون بعد تلك الساعة.
وفي بعض الأخبار : أن أهل القيامة يفِرّون من المعارف مخافة المظالم.
وقال ابن عباس أيضاً :﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ يبصر بعضهم بعضاً فيتعارفون ثم يفرّ بعضهم من بعض.
فالضمير في ﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ على هذا للكفار، والميم للأقرباء.
وقال مجاهد : المعنى يبصّر الله المؤمنين الكفار في يوم القيامة ؛ فالضمير في يبصرونهم للمؤمنين، والهاء والميم للكفار.
ابن زيد : المعنى يبصر الله الكفار في النار الذين أضلّوهم في الدنيا ؛ فالضمير في "يُبَصَّرُونَهُمْ" للتابعين، والهاء والميم للمتبوعين.
وقيل : إنه يبصر المظلوم ظالمه والمقتول قاتله وقيل "يبصرونهم" يرجع إلى الملائكة ؛ أي يعرفون أحوال الناس فيسوقون كلّ فريق إلى ما يليق بهم.
وتم الكلام عند قوله :﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾.
ثم قال :﴿ يَوَدُّ المجرم ﴾ أي يتمنى الكافر.
﴿ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ ﴾ يعني من عذاب جهنم بأعزّ من كان عليه في الدنيا من أقاربه فلا يقدر.
ثم ذكرهم فقال :﴿ بِبَنِيهِ.
وَصَاحِبَتِهِ ﴾ وزوجته.
﴿ وَأَخِيهِ.
وَفَصِيلَتِهِ ﴾ أي عشيرته.
﴿ التي تُؤْوِيهِ ﴾ تنصره ؛ قاله مجاهد وابن زيد.
وقال مالك : أمّه التي تُرَبِّيه.
حكاه الماورديّ ورواه عنه أشهب.
وقال أبو عبيدة : الفصِيلة دون القبيلة.
وقال ثعلب : هم آباؤه الأدنون.
وقال المبرد : الفصيلة القطعة من أعضاء الجسد، وهي دون القبِيلة.
وسُمِّيت عتْرة الرجل فصيلتَه تشبيهاً بالبعض منه.
وقد مضى في سورة "الحجرات" القول في القبيلة وغيرها.
وهنا مسألة، وهي : إذا حبس على فصيلته أو أوصى لها فمن ادعى العموم حمله على العشِيرة، ومن ادعى الخصوص حمله على الآباء ؛ الأدنى فالأدنى.
والأوّل أكثر في النطق.
والله أعلم.
ومعنى :"تُؤْويه" تضمه وتؤمّنه من خوف إن كان به.