وقال مجاهد : هو القيح من الصديد والدم.
وقال عكرمة، وغيره : هو درديّ الزيت، وقد تقدّم تفسيره في سورة الكهف والدخان.
﴿ وَتَكُونُ الجبال كالعهن ﴾ أي : كالصوف المصبوغ، ولا يقال للصوف عهن إلاّ إذا كان مصبوغاً.
قال الحسن : تكون الجبال كالعهن، وهو الصوف الأحمر، وهو أضعف الصوف.
وقيل : العهن الصوف ذو الألوان، فشبّه الجبال به في تكوّنها ألواناً، كما في قوله :﴿ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ.
..
وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴾ [ فاطر : ٢٧ ] فإذا بست وطيرت في الهواء أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح.
﴿ وَلاَ يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً ﴾ أي : لا يسأل قريب قريبه عن شأنه في ذلك اليوم لما نزل بهم من شدّة الأهوال التي أذهلت القريب عن قريبه، والخليل عن خليله، كما قال سبحانه :﴿ لِكُلّ امرىء مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [ عبس : ٣٧ ].
وقيل المعنى : لا يسأل حميم عن حميم، فحذف الحرف ووصل الفعل.
قرأ الجمهور :﴿ لا يسأل ﴾ مبنياً للفاعل.
قيل : والمفعول الثاني محذوف، والتقدير : لا يسأله نصره ولا شفاعته، وقرأ أبو جعفر، وأبو حيوة، وشيبة، وابن كثير في رواية عنه على البناء للمفعول.
وروى هذه القراءة البزّي عن عاصم.
والمعنى : لا يسأل حميم إحضار حميمه.
وقيل : هذه القراءة على إسقاط حرف الجرّ، أي : لا يسأل حميم عن حميم، بل كلّ إنسان يسأل عن نفسه وعن عمله، وجملة :﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ مستأنفة، أو صفة لقوله :﴿ حَمِيماً ﴾ أي : يبصر كلّ حميم حميمه، لا يخفى منهم أحد عن أحد.
وليس في القيامة مخلوق وإلاّ وهو نصب عين صاحبه، ولا يتساءلون ولا يكلم بعضهم بعضاً لاشتغال كل أحد منهم بنفسه، وقال ابن زيد : يبصر الله الكفار في النار الذين أضلوهم في الدنيا، وهم الرؤساء المتبوعون.