وقيل : إن قوله :﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ يرجع إلى الملائكة أي : يعرفون أحوال الناس لا يخفون عليهم، وإنما جمع الضمير في يبصرونهم، وهما للحميمين حملاً على معنى العموم ؛ لأنهما نكرتان في سياق النفي، قرأ الجمهور :﴿ يبصرونهم ﴾ بالتشديد، وقرأ قتادة بالتخفيف.
ثم ابتدأ سبحانه الكلام فقال :﴿ يَوَدُّ المجرم لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ ﴾ المراد بالمجرم : الكافر، أو كلّ مذنب ذنباً يستحق به النار لو يفتدي من عذاب يوم القيامة الذي نزل به.
﴿ بِبَنِيهِ وصاحبته وَأَخِيهِ ﴾ فإن هؤلاء أعزّ الناس عليه وأكرمهم لديه، فلو قبل منه الفداء لفدى بهم نفسه، وخلص مما نزل به من العذاب، والجملة مستأنفة لبيان أن اشتغال كل مجرم بنفسه بلغ إلى حدّ يودّ الافتداء من العذاب بمن ذكر.
قرأ الجمهور :﴿ من عذاب يومئذٍ ﴾ بإضافة عذاب إلى يومئذٍ.
وقرأ أبو حيوة بتنوين " عذاب " وقطع الإضافة.
وقرأ الجمهور :" يومئذ " بكسر الميم.
وقرأ نافع، والكسائي، والأعرج، وأبو حيوة بفتحها ﴿ وَفَصِيلَتِهِ التى تُوِيهِ ﴾ أي : عشيرته الأقربين الذين يضمونه في النسب، أو عند الشدائد، ويأوي إليهم.
قال أبو عبيد : الفصيلة دون القبيلة.
وقال ثعلب : هم آباؤهم الأدنون.
قال المبرّد : الفصيلة القطعة من أعضاء الجسد.
وسميت عشيرة الرجل فصيلة تشبيهاً لها بالبعض منه.
وقال مالك : إن الفصيلة هي التي تربيه ﴿ وَمَن فِى الأرض جَمِيعاً ﴾ أي : ويودّ المجرم لو افتدى بمن في الأرض جميعاً من الثقلين وغيرهما من الخلائق.
وقوله :﴿ ثُمَّ يُنجِيهِ ﴾ معطوف على يفتدي، أي : يودّ لو يفتدي، ثم ينجيه الافتداء، وكان العطف بثم لدلالتها على استبعاد النجاة.
وقيل : إن يودّ تقتضي جواباً، كما في قوله :﴿ وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾ [ القلم : ٩ ] والجواب.
﴿ ثم ينجيه ﴾، والأوّل أولى.


الصفحة التالية
Icon