وقوله :﴿ كَلاَّ ﴾ ردع للمجرم عن تلك الودادة، وبيان امتناع ما ودّه من الافتداء، و "كلا" يأتي بمعنى حقاً، وبمعنى لا مع تضمنها لمعنى الزجر والردع، والضمير في قوله :﴿ إِنَّهَا لظى ﴾ عائد إلى النار المدلول عليها بذكر العذاب، أو هو ضمير مبهم يفسره ما بعده، ولظى علم لجهنم، واشتقاقها من التلظي في النار، وهو التلهب.
وقيل : أصله لظظ بمعنى دوام العذاب، فقلبت إحدى الظاءين ألفاً.
وقيل لظى : هي الدركة الثانية من طباق جهنم ﴿ نَزَّاعَةً للشوى ﴾ قرأ الجمهور :﴿ نزاعة ﴾ بالرفع على أنه خبر ثانٍ لإنّ، أو خبر مبتدأ محذوف، أو تكون لظى بدلاً من الضمير المنصوب، ونزاعة خبر إنّ، أو على أن نزاعة صفة للظى على تقدير عدم كونها علماً، أو يكون الضمير في إنها للقصة، ويكون لظى مبتدأ، ونزاعة خبره، والجملة خبر إنّ، وقرأ حفص عن عاصم، وأبو عمر، وفي رواية عنه، وأبو حيوة، والزعفراني، والترمذي، وابن مقسم ( نزاعة ) بالنصب على الحال.
وقال أبو علي الفارسي : حمله على الحال بعيد ؛ لأنه ليس في الكلام ما يعمل في الحال.
وقيل : العامل فيها ما دلّ عليه الكلام من معنى التلظي، أو النصب على الاختصاص، والشوى : الأطراف، أو جمع شواة، وهي جلدة الرأس، ومنه قول الأعشى :
قالت قتيلة ما له... قد جللت شيباً شواته
وقال الحسن، وثابت البناني :﴿ نَزَّاعَةً للشوى ﴾ : أي : لمكارم الوجه وحسنه، وكذا قال أبو العالية، وقتادة.
وقال قتادة : تبري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك فيه شيئًا.
وقال الكسائي : هي المفاصل.
وقال أبو صالح : هي أطراف اليدين والرجلين ﴿ تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ ﴾ أي : تدعو لظى من أدبر عن الحقّ في الدنيا ﴿ وتولى ﴾ أي : أعرض عنه ﴿ وَجَمَعَ فَأَوْعَى ﴾ أي : جمع المال فجعله في وعائه.


الصفحة التالية
Icon