قال تعالى :﴿ ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً ﴾ [ النبأ : ٤٠ ]، ألا ترى أنه عبر عن قوله ذلك بالودادة، في قوله تعالى :﴿ يومئذٍ يودّ الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوّى بهم الأرض ﴾ [ النساء : ٤٢ ] أي يصيرون من ترابها.
فالتقدير : يقال له كلا، أي لا افتداء ولا إنجاء.
وجملة ﴿ إنها لظَى ﴾ استئناف بياني ناشىء عما أفاده حرف ﴿ كلا ﴾ من الإِبطال.
وضمير ﴿ إنها ﴾ عائد إلى ما يشاهده المجرم قبالته من مرأى جهنم فأخبر بأن ذلك لظى.
ولما كان ﴿ لظى ﴾ مقترناً بألف التأنيث أنّث الضمير باعتبار تأنيث الخبر واتبع اسمها بأوصاف.
والمقصود التعريض بأنها أعدت له، أي أنها تحرقك وتنزع شَواك، وقد صرح بما وقع التعريض به في قوله :﴿ تدعو من أدبر وتولى وجَمع فأوعى، ﴾ أي تدعوك يا من أدبر عن دعوة التوحيد وتولى عنها ولم يعبأ إلاّ بجمع المال.
فحرف ( إنَّ ) للتوكيد للمعنى التعريضي من الخبر، لا إلى الإِخبار بأن ما يشاهده لظى إذ ليس ذلك بمحل التردد.
و﴿ لظى ﴾ خبر ( إن ).
ويجوز أن يكون ضمير ﴿ إنها ﴾ ضمير القصة وهو ضمير الشأن، أي إن قصتك وشأنك لَظى، فتكون ﴿ لظى ﴾ مبتدأ.
وقرأ الجمهور ﴿ نزّاعةٌ ﴾ بالرفع فهو خبر ثان عن ( إنَّ ) إن جعل الضمير ضميراً عائداً إلى النار المشاهدة، أو هو خبر عن ﴿ لظى ﴾ إن جعل الضمير ضمير القصة وجُعل ﴿ لظى ﴾ مبتدأ.
وقرأه حفص بالنصب على الحال فيتعين على قراءة حفص أن الضمير ليس ضمير قصة.
والتعريض هو هو، وحرف ( إنّ ) إما للتوكيد متوجهاً إلى المعنى التعريضي كما تقدم، وإما لمجرد الاهتمام بالجملة التي بعده لأن الجمل المفتتحة بضمير الشأن من الأَخبار المهتم بها.
و﴿ لَظى ﴾ : علَم منقول من اسم اللهب، جعل علَماً ل "جهنم"، وألفه ألف تأنيث، وأصله : لظى بوزن فتًى منوناً اسم جنس للهب النار.


الصفحة التالية
Icon