إلا بتلك المدة، أما الملك فإنه يقطعها بيوم زماني بإقدار اللّه تعالى إياه، قالوا وتحديد هذه المسافة هو أن ثخن الأرض الواحدة خمسمائة عام، وبين كل أرضين مثلها، وبين الأرض العليا والسماء كذلك، وثخن كل سماء وما بينهما كذلك، وما بين السماء العليا ومقعر الكرسي كذلك، فيكون المجموع أربعة عشر ألف سنة، ومن مقعر الكرسي إلى العرش مسيرة أحد عشر ألف سنة، فبلغت مدة العروج خمسة وعشرين ألف سنة، ومثلها في النزول، فيكون خمسين ألف سنة، ومما يدل على أن المراد صعود وهبوط ما قدمناه في الآية ٥ من سورة السجدة المارة، وقيل إن المواطن في القيامة خمسون موطنا، وكل موطن ألف سنة من سني الدنيا، قال تعالى (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) الآية ٤٧ من سورة الحج في ج ٣، وهذه مظهر من مظاهر (النون) في قوله تعالى (كُنْ فَيَكُونُ) فإنه بحروف الجمل خمسون، فهذه المواطن كلها بالنسبة إلى اللّه تعالى لحظة واحدة أقل من لفظكم أيها الناس بحرف النون، وهذا التقدير بالنسبة إلينا، لأن يوم الآخرة لا نهاية له، ولا يقدر بزمان، إذ لا شمس ولا قمر، وللصوفية فيه أقوال كثيرة وتفصيلات بديعة ضربنا عنها صفحا لطولها وكثرتها، لأن كلّا منهم رضي اللّه عنهم ذكر مما أودعه اللّه في قلبه المخلّى عن غيره المحلّى به، وبين ما أفاض اللّه عليه فيه اكتفاء بما أخرجه الإمام أحمد وابن شعبان وأبو يعلى وابن جرير والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنهم قال : سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن قوله تعالى (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ما أطول هذا اليوم ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : والذي نفسي بيده انه ليخفف على المؤمن حتى يكون أهون عليه من مكتوبة يصليها في الدنيا.