وما روي عن عبد اللّه بن عمر يوضع للمؤمنين يومئذ كراسي من ذهب ويظلل عليهم الغمام ويقصر عليهم ذلك ويهون حتى يكون كيوم من أيامكم هذه.
فيفهم منه أن طول المدة تكون على الكافرين المعذبين لشدة ما يلاقونه وهول ما يعانون، ولا بدع بأن يكون طويلا على أناس قصيرا على آخرين، قال الشاعر في هذا المعنى :
من قصر الليل إذا زرتني أشكو وتشكين من الطول
وقال آخر :
ليلي وليلى نفى نومي اختلافهما بالطول والطول يا طوبى لو اعتدلا
يجود بالطول ليلي كلما بخلت بالطول ليلى وإن جادت به بخلا
الألف فيه للإطلاق والروى، وإلا فهو مفرد يعود على الليل، وقول الآخر في هذا أيضا :
ويوم كظل الرمح قصّر طوله دم الزقّ عنا واصطفاق المزاهر
قال تعالى "فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا" ٥ لا جزع فيه، راجع الآية ٨٣ من سورة يوسف المارة "إِنَّهُمْ" كفرة قومك "يَرَوْنَهُ" أي العذاب الذي أو عدتهم به "بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً" ٦ ٧ لأنه آتيهم حتما وكل آت قريب لا سيما وأن إنزاله بيدنا لا يمنعنا من صبه عليهم مانع، وليعلموا أن علامته نزول العذاب الأكبر الذي لا بد من وقوعه، لأن عذاب الدنيا قد يكون وقد لا يكون لأسباب نعلمها، أما عذاب الآخرة فيكون "يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ" ٨ مثل عكر الزيت أو الفضة المذابة "وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ" ٩ الصوف المصبوغ ألوانا كثيرة لأن الجبال ذات ألوان منها الأحمر والأسود والأصفر والأبيض، فتكون هباء منثورا كالصوف المندوف إذا طيرته الرياح، إنما شبهها بالصوف لأنها إذا لبست بعضها ببعض بأن خلطت وسيرت أشبهته بألوانه المذكورة وما بينها "وَلا يَسْئَلُ" حينذاك "حَمِيمٌ حَمِيماً" ١٠ عن حاله وما حل به، لا لأنهم لا يرى بعضهم بعضا، ولكن لشدة الهول، إذ يشتغل كل بنفسه، ولهذا