وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
﴿ إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً ﴾
الهَلَعَ سرعةُ الجزعِ عند مسِّ المكروهِ وسرعةُ المنعِ عند مسِّ الخيرِ وقد فسَّرهُ أحسنَ تفسيرٍ قولُهُ تعالَى :﴿ إِذَا مَسَّهُ الشر ﴾ أي الفقرُ والمرضُ ونحوهُما ﴿ جَزُوعاً ﴾ أي مبالغاً في الجزعِ مُكثراً منْهُ ﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الخير ﴾ أي السَّعةُ والصحةُ ﴿ مَنُوعاً ﴾ مبالغاً في المنعِ والإمساكِ. والأوصافُ الثلاثةُ أحوالٌ مقدرةٌ أو محققةٌ لأنها طبائعُ جُبلَ الإنسانُ علَيها. وإذَا الأولى ظرفٌ لجزوعَا والثانيةُ لمنوعَا ﴿ إِلاَّ المصلين ﴾ استثناءٌ للمتصفينَ بالنعوتِ الجليلةِ الآتيةِ من المطبوعينَ على القبائحِ الماضيةِ لأنباءِ نعوتِهِم عن الاستغراقِ في طاعةِ الحقِّ والإشفاقِ على الخلقِ والإيمانِ بالجزاءِ والخوفِ من العقوبةِ وكسرِ الشهوةِ وإيثارِ الآجلِ على العاجلِ على خلافِ القبائحِ المذكورةِ الناشئةِ من الانهماكِ في حبِّ العاجلةِ وقصرِ النظرِ عليهِ.
﴿ الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ لا يشغلهُم عنها شاغلٌ ﴿ والذين فِى أموالهم حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾ أي نصيبٌ معينٌ يستوجبونَهُ على أنفسِهِم تقرباً إلى الله تعالَى وإشفاقاً على النَّاسِ من الزكاةِ المفروضةِ والصدقاتِ الموظفةِ.