وقيل : النصب جمع نصاب، وهو حجر أو صنم يذبح عليه، ومنه قوله :﴿ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النصب ﴾ [ المائدة : ٣ ].
وقال النحاس : نصب ونصب بمعنى واحد.
وقيل : معنى ﴿ إلى نُصُبٍ ﴾ : إلى غاية، وهي التي تنصب إليها بصرك، وقال الكلبي : إلى شيء منصوب علم أو راية أي : كأنهم إلى علم يدعون إليه، أو راية تنصب لهم يوفضون، قال الحسن : كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا يلوي أوّلهم على آخرهم.
وقال أبو عمرو : النصب شبكة الصائد يسرع إليها عند وقوع الصيد فيها مخافة انفلاته.
ومعنى يوفضون : يسرعون، والإيفاض الإسراع.
يقال : أوفض إيفاضاً، أي : أسرع إسراعاً، ومنه قول الشاعر :
فوارس ذبيان تحت الحديد... كالجنّ يوفض من عبقر
وعبقر : قرية من قرى الجن، كما تزعم العرب، ومنه قول لبيد :
كهول وشبان كجنة عبقر... وانتصاب ﴿ خاشعة أبصارهم ﴾ على الحال من ضمير يوفضون، وأبصارهم مرتفعة به، والخشوع الذلة والخضوع، أي : لا يرفعونها لما يتوقعونه من العذاب ﴿ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ﴾ أي : تغشاهم ذلة شديدة.
قال قتادة هي : سواد الوجوه، ومنه غلام مراهق : إذا غشيه الاحتلام، يقال : رهقه بالكسر يرهقه رهقاً، أي : غشيه، ومثل هذا قوله :﴿ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ ﴾ [ يونس : ٢٦ ] والإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى ما تقدّم ذكره.
وهو مبتدأ وخبره :﴿ اليوم الذى كَانُواْ يُوعَدُونَ ﴾ أي : الذي كانوا يوعدونه في الدنيا على ألسنة الرسل قد حاق بهم وحضر، ووقع بهم من عذابه ما وعدهم الله به، وإن كان مستقبلاً، فهو في حكم الذي قد وقع لتحقق وقوعه.
وقد أخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبّ المشارق والمغارب ﴾ قال : للشمس كل يوم مطلع تطلع فيه، ومغرب تغرب فيه غير مطلعها بالأمس وغير مغربها بالأمس.
وأخرج ابن جرير عنه :﴿ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ﴾ قال : إلى علم يستبقون. أ هـ ﴿فتح القدير حـ ٥ صـ ٢٩٢ ـ ٢٩٥﴾