المجدح ثلاثة كواكب مخصوصة، ونوءه يكون عزيزاً شبه عمر ( الاستغفار ) بالأنواء الصادقة التي لا تخطىء، وعن بكر بن عبد الله : أن أكثر الناس ذنوباً أقلهم استغفاراً، وأكثرهم استغفاراً أقلهم ذنوباً، وعن الحسن : أن رجلاً شكا إليه الجدب، فقال : استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار، فقال له بعض القوم : أتاك رجال يشكون إليك أنواعاً من الحاجة، فأمرتهم كلهم بالاستغفار، فتلا له الآية، وههنا سؤالات :
الأول : أن نوحاً عليه السلام أمر الكفار قبل هذه الآية بالعبادة والتقوى والطاعة، فأي فائدة في أن أمرهم بعد ذلك بالاستغفار ؟ الجواب : أنه لما أمرهم بالعبادة قالوا له : إن كان الدين القديم الذي كنا عليه حقاً فلم تأمرنا بتركه، وإن كان باطلاً فكيف يقبلنا بعد أن عصيناه، فقال نوح عليه السلام : إنكم وإن كنتم عصيتموه ولكن استغفروه من تلك الذنوب، فإنه سبحانه كان غفاراً.
السؤال الثاني : لم قال :﴿إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً﴾ ولم يقل : إنه غفار ؟ قلنا المراد : إنه كان غفاراً في حق كل من استغفروه كأنه يقول : لا تظنوا أن غفاريته إنما حدثت الآن، بل هو أبداً هكذا كان، فكأن هذا هو حرفته وصنعته.
يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١)
واعلم أن الخلق مجبولون على محبة الخيرات العاجلة، ولذلك قال تعالى :﴿وأخرى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مّن الله وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ [ الصف : ١٣ ] فلا جرم أعلمهم الله تعالى ههنا أن إيمانهم بالله يجمع لهم مع الحظ الوافر في الآخرة الخصب والغنى في الدنيا.
والأشياء التي وعدهم من منافع الدنيا في هذه الآية خمسة أولها : قوله :﴿يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً﴾ وفي السماء وجوه : أحدها :( أن ) المطر منها ينزل إلى السحاب وثانيها : أن يراد بالسماء السحاب وثالثها : أن يراد بالسماء المطر من قوله :