إحداها: أن لاتجعل دونه سببا أي لاتجعل للوصلة إليه سببا غيره بل هو الذي يوصل عبده إليه فلا يوصل إلى الله إلا الله ولا يقرب إليه سواه ولا يدنى إليه غيره ولا يتوصل إلى رضاه إلا به فما دل على الله إلا الله ولا هدى إليه سواه ولا أدنى إليه غيره فإنه سبحانه هو الذي جعل السبب سببا فالسبب وسببيته وإيصاله: كله خلقه وفعله الثاني: أن لايرى عليه حقا أي لا ترى لأحد من الخلق لا لك ولا لغيرك حقا على الله بل الحق لله على خلقه وفي أثر إسرائيلي: أن داود عليه السلام قال: يا رب بحق آبائي عليك فأوحى الله إليه: يا داود أي حق لآبائك علي ألست أنا الذي هديتهم ومننت عليهم واصطفيتهم ولي الحق عليهم وأما حقوق العبيد على الله تعالى: من اثباته لمطيعهم وتوبته على تائبهم وإجابته لسائلهم: فتلك حقوق أحقها الله سبحانه على نفسه بحكم وعده وإحسانه لاأنها حقوق أحقوها هم عليه فالحق فى الحقيقة لله على عبده وحق العبد عليه هو ما اقتضاه جوده وبره وإحسانه إليه بمحض جوده وكرمه هذا قول أهل التوفيق والبصائر وهو وسط بين قولين منحرفين قد تقدم ذكرهما مرارا والله سبحانه أعلم وأما قوله: و لا ينازع له اختيارا أى إذا رأيت الله عز وجل قد اختار لك أو لغيرك شيئا إما بأمره ودينه وإما بقضائه وقدره فلا تنازع اختياره بل ارض باختيار ما اختاره لك فإن ذلك من تعظيمه سبحانه ولا يرد عليه قدره عليه من المعاصي فإنه سبحانه وإن قدرها لكنه لم يخترها له فمنازعتها غير اختياره من عبده وذلك من تمام تعظيم العبد له سبحانه والله أعلم أ هـ ﴿مدارج السالكين حـ ٢ صـ ٤٩٥ ـ ٥٠١﴾


الصفحة التالية
Icon