لطيفة
قال العلامة مجد الدين الفيروزابادى :
( بصيرة فى الرجاء )
رَجَا البئْرِ والسّماءِ وغيرهما : جانبهما.
والجمع / أَرْجاءٌ.
والرجاءُ : الاستبشار بوجود فضل الربِّ تعالى، والارتياحُ لمطالعة كرمه، وقيل : هو الثِّقة بوجود الربّ.
وقيل : الرّجاءُ ظن يقتضى حصول ما فيه مسرّة.
وهو من أَجلِّ منازل السّالكين وأَعلاها وأَشرفها، وقد مدح الله تعالى أَهله وأَثنى عليهم فقال :﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ﴾.
وأَخبر تعالى عن خواصّ عباده الذين كان المشركون يزعمون أَنهم يتقربون بهم إِلى الله أَنهم كانوا راجين له خائفين منه فقال :﴿قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُولَائِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً﴾، وفى الحديث الصَّحيح فيما يروى عن ربِّه تعالى :"ابنَ آدمَ إِنك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لك على ما كان منك ولا أُبالى".
فالرّجاءُ عبوديّة وتعلق بالله من حيث اسمه البَرّ المحسن.
فذلك التعبد والتعلق بهذا الاسم والمعرفة بالله هو الَّذِى أَوجب للعبد الرّجاءَ من حيث يدرى ومن حيث لا يدرى.
فقوّة الرّجاءِ على حسب قوّة المعرفة بالله وأَسمائه وصفاته وغلبة رحمته على غضبه.
ولولا رُوح الرّجاءِ لعطِّلت عبوديّة القلب والجوارح، وهُدّمت صوامِعُ وبيَعٌ وصَلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً.
بل لولا روح الرّجاءِ لما تحرّكت الجوارح بالطَّاعة، ولولا رِيحه الطِّيبة لما جرت سُفُن الأَعمال فى بحر الإِرادات، قال بعض مشايخنا :
*لولا التعلُّق بالرجاءِ تقطَّعت * نفسُ المحبّ تحسُّرًا وتمزُّقا*


الصفحة التالية
Icon