وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ الله سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً ﴾
ذكر لهم دليلاً آخر، أي ألم تعلموا أن الذي قدر على هذا، فهو الذي يجب أن يُعْبَد! ومعنى "طِبَاقاً" بعضها فوق بعض، كل سماء مطبقة على الأخرى كالقباب، قاله ابن عباس والسدّي.
وقال الحسن : خلق الله سبع سموات طباقاً على سبع أرضين، بين كل أرض وأرض، وسماء وسماء خلق وأمر.
وقوله :"ألَمْ تَرَوْا" على جهة الإخبار لا المعاينة، كما تقول : ألم ترني كيف صنعت بفلان كذا.
و"طِبَاقاً" نصب على أنه مصدر، أي مطابقة طباقاً.
أو حال بمعنى ذات طباق، فحذف ذات وأقام طِباقاً مقامه.
﴿ وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً ﴾ أي في سماء الدنيا، كما يقال : أتاني بنو تميم وأتيت بني تميم والمراد بعضهم، قاله الأخفش.
قال ابن كَيْسان : إذا كان في إحداهن فهو فيهنّ.
وقال قُطْرُب :"فِيهِنّ" بمعنى معهنّ، وقاله الكلبيّ.
أي خلق الشمس والقمر مع خلق السموات والأرض.
وقال جِلّة أهل اللغة في قول امرىء القيس :
وهل ينعمن من كان آخر عهده...
ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال
"في" بمعنى مع.
النحاس : وسألت أبا الحسن بن كَيسان عن هذه الآية فقال : جواب النحويين أنه إذا جعله في إحداهن فقد جعله فيهن، كما تقول : أعطني الثياب المُعْلمة وإن كنت إنما أعلمت أحدها.
وجواب آخر : أنه يروي أن وجه القمر إلى السماء، وإذا كان إلى داخلها فهو متصل بالسموات.
ومعنى "نُوراً" أي لأهل الأرض، قاله السديّ.
وقال عطاء : نوراً لأهل السماء والأرض.
وقال ابن عباس وابن عمر : وجهه يضيء لأهل الأرض وظهره يضيء لأهل السماء.
﴿ وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً ﴾ يعني مصباحاً لأهل الأرض ليتوصلوا إلى التصرف لمعايشهم.
وفي إضاءتها لأهل السماء القولان الأوّلان، حكاه الماورديّ.
وحكى القشيريّ عن ابن عباس أن الشمس وجهها في السموات وقفاها في الأرض.
وقيل : على العكس.