هذه الأصنام الخمسة كانت أكبر أصنامهم، ثم إنها انتقلت عن قوم نوح إلى العرب، فكان ود لكلب، وسواع لهمدان، ويغوث لمذحج، ويعوق لمراد، ونسر لحمير ولذلك سمت العرب بعبد ود، وعبد يغوث، هكذا قيل في الكتب، وفيه إشكال لأن الدنيا قد خربت في زمان الطوفان، فكيف بقيت تلك الأصنام، وكيف انتقلت إلى العرب، ولا يمكن أن يقال : إن نوحاً عليه السلام وضعها في السفينة وأمسكها لأنه عليه السلام إنما جاء لنفيها وكسرها فكيف يمكن أن يقال إنه وضعها في السفينة سعياً منه في حفظها.
المسألة السابعة :
قرىء :﴿لاَ تَذَرُنَّ وُدّاً﴾ بفتح الواو وبضم الواو، قال الليث : ود بفتح الواو صنم كان لقوم نوح، ود بالضم صنم لقريش، وبه سمي عمرو بن عبد ود، وأقول : على قول الليث وجب أن لا يجوز ههنا قراءة ود بالضم لأن هذه الآيات في قصة نوح لا في أحوال قريش وقرأ الأعمش :﴿ولا يغوثا ويعوقا﴾ بالصرف وهذه قراءة مشكلة لأنهما إن كانا عربيين أو عجميين ففيهما سببا منع الصرف، إما التعريف ووزن الفعل، وإما التعريف والعجمة، فلعله صرفهما لأجل أنه وجد أخواتهما منصرفة ودا وسواعا ونسرا.
واعلم أن نوحاً لما حكى عنهم أنهم قالوا لأتباعهم :﴿لاَ تَذَرُنَّ ءالِهَتَكُمْ﴾ قال :﴿وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً﴾ فيه وجهان : الأول : أولئك الرؤساء قد أضلوا كثيراً قبل هؤلاء الموصين ( بأن يتمسكوا ) بعبادة الأصنام وليس هذا أول مرة اشتغلوا بالإضلال الثاني : يجوز أن يكون الضمير عائداً إلى الأصنام، كقوله :﴿إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ الناس﴾ [ إبراهيم : ٣٦ ] وأجرى الأصنام على هذا القول مجرى الآدميين كقوله :﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ﴾ [ الأعراف : ١٩٥ ]، وأما قوله تعالى :﴿وَلاَ تَزِدِ الظالمين إِلاَّ ضَلاَلاً﴾ ففيه سؤالان :


الصفحة التالية
Icon