وقال الفراء :
سُورَة نوح عَلَيْهِ السَّلَام
﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
قوله عز وجل: ﴿أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ...﴾.
أى: أرسلناه بالإنذار. (أن): فى موضع نصب ؛ لأنك أسقطت منها الخافض. ولو كانت إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أنذر قومك ـ بغير أن ؛ لأن الإرسال قول فى الأصل، وهى، فى قراءة عبدالله كذلك بغير أن.
﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
وقوله: ﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى...﴾.
سمّى عندكم تعرفونه لا يميتكم غرقا ولا حرقا ولا قتلا، وليس فى هذا حجة لأهل القدر لأنه إنما أراد مسمّى عندكم، ومثله: ﴿وَهُوَ الَّذِى يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عليه﴾ عندكم فى معرفتكم.
وقوله: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ...﴾.
من قد تكون لجميع ما وقعت عليه، ولبعضه. فأما البعض فقولك: اشتريت من عبيدك، وأما الجميع فقولك: رَوِيت من مائك، فإذا كانت فى موضع جمع فكأنّ مِنْ: عن ؛ كما تقول: اشتكيت من ماء شربته، وعن ماء شربته كأنه فى الكلام: يغفر لكم عن أذنابكم، ومن أذنابكم.
﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً ﴾
وقوله: ﴿لَيْلاً وَنَهَاراً...﴾.
أى: دعوتهم بكل جهة سرًّا وعلانية.
﴿ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُواْ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَاسْتَكْبَرُواْ اسْتِكْبَاراً ﴾
وقوله: ﴿وَأَصَرُّواْ...﴾.
أى: سكتوا على شركهم، ﴿وَاسْتَكْبَرُواْ...﴾ عن الإيمان.
﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ﴾


الصفحة التالية
Icon