والسورة التي بين أيدينا - بالإضافة إلى ما سبق - تساهم مساهمة كبيرة في إنشاء التصور الإسلامي عن حقيقة الألوهية، وحقيقة العبودية، ثم عن هذا الكون وخلائقه، والصلة بين هذه الخلائق المنوعة.
وفي مقالة الجن ما يشهد بوحدانية الله، ونفي الصاحبة والولد، وإثبات الجزاء في الآخرة ; وأن أحدا من خلق الله لا يعجزه في الأرض ولا يفلت من يديه ويفوته، فلا يلاقي جزاءه العادل. وتتكرر بعض هذه الحقائق فيما يوجه للرسول ( ﷺ ) من الخطاب:(قل: إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا)..(قل: إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا).. وذلك بعد شهادة الجن بهذه الحقيقة شهادة كاملة صريحة.
كما أن تلك الشهادة تقرر أن الألوهية لله وحده، وأن العبودية هي أسمى درجة يرتفع إليها البشر:(وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا).. ويؤكد السياق هذه الحقيقة فيما يوجه للرسول ( ﷺ ) من خطاب:(قل: إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا)..
والغيب موكول لله وحده ; لا تعرفه الجن:(وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا).. ولا تعرفه الرسل إلا ما يطلعهم الله عليه منه لحكمة يعلمها:(قل: إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا. عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا، إلا من ارتضى من رسول، فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا...)..


الصفحة التالية
Icon