﴿لَمَّا سَمِعْنَا الهدى﴾ أي القرآن، قال تعالى :﴿هُدًى لّلْمُتَّقِينَ﴾ [ البقرة : ٢ ] ﴿آمنا بِهِ﴾ أي آمنا بالقرآن ﴿فَلاَ يَخَافُ﴾ فهو لا يخاف أي فهو غير خائف، وعلى هذا يكون الكلام في تقدير جملة من المبتدأ والخبر، أدخل الفاء عليها لتصير جزاء للشرط الذي تقدمها، ولولا ذاك لقيل : لا يخف، فإن قيل : أي فائدة في رفع الفعل، وتقدير مبتدأ قبله حتى يقع خبراً له ووجوب إدخال الفاء، وكان ذلك كله مستغنى عنه بأن يقال : لا يخف قلنا : الفائدة فيه أنه إذا فعل ذلك، فكأنه قيل : فهو لا يخاف، فكان دالاً على تحقيق أن المؤمن ناج لا محالة، وأنه هو المختص لذلك دون غيره، لأن قوله : فهو لا يخاف معناه أن غيره يكون خائفاً، وقرأ الأعمش :﴿فلا يخف﴾، وقوله تعالى :﴿بَخْساً وَلاَ رَهَقاً﴾ البخس النقص، والرهق الظلم، ثم فيه وجهان الأول : لا يخاف جزاء بخس ولا رهق، لأنه لم يبخس أحداً حقاً، ولا ( رهق ) ظلم أحداً، فلا يخاف جزاءهما الثاني : لا يخاف أن يبخس، بل يقطع بأنه يجزي الجزاء الأوفى، ولا يخاف أن ترهقه ذلة من قوله :﴿تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾ [ القلم : ٤٣ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٠ صـ ١٣٨ ـ ١٤١﴾


الصفحة التالية
Icon