ولَقَدْ قُلْتُ وزَيدٌ حاسِرٌ...
يومَ وَلَّتْ خيلُ عَمْرو قِدَدَا
والقِدّ بالكسر : سير يُقَدّ من جلد غير مدبوغ ؛ ويقال : ماله قِدٌّ ولا قِحْف ؛ فالقِدُّ : إناء من جلد، والقِحف : من خشب.
قوله تعالى :﴿ وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعْجِزَ الله فِي الأرض ﴾ الظنّ هنا بمعنى العلم واليقين، وهو خلاف الظنّ في قوله تعالى :﴿ وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ﴾ [ الجن : ٥ ]، ﴿ وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ ﴾ [ الجن : ٧ ] أي علمنا بالاستدلال والتفكر في آيات الله : أنَّا في قبضته وسلطانه، لن نفوته بهرب ولا غيره.
و﴿ هَرَباً ﴾ مصدر في موضع الحال أي هاربين.
قوله تعالى :﴿ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الهدى ﴾
يعني القرآن ﴿ آمَنَّا بِهِ ﴾ وبالله، وصدّقنا محمداً ﷺ على رسالته.
وكان ﷺ مبعوثاً إلى الإنس والجنّ.
قال الحسن : بعث الله محمداً ﷺ إلى الإنس والجنّ، ولم يبعث الله تعالى قطُّ رسولاً من الجنّ، ولا من أهل البادية، ولا من النساء ؛ وذلك قوله تعالى :﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ القرى ﴾ [ يوسف : ١٠٩ ] وقد تقدم هذا المعنى.
وفي الصحيح :" وبُعثت إلى الأحمر والأسود " أي الإنس والجنّ.
﴿ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً ﴾ قال ابن عباس : لا يخاف أن يُنْقَص من حسناته ولا أن يزاد في سيئاته ؛ لأن البخس النقصان، والرَّهَق : العدوان وغشيان المحارم ؛ قال الأعشى :
لا شَيْءَ يَنْفَعُنِي مِن دُونِ رُؤْيَتِهَا...
هل يَشْتَفِي وَامِقٌ مَا لَمْ يُصِبْ رَهَقاً
الوامق : المحبّ ؛ وقد وَمِقَه يَمِقه بالكسر أي أحبّه، فهو وامق.
وهذا قول حكاه الله تعالى عن الجِنّ ؛ لقوّة إيمانهم وصحة إسلامهم.
وقراءة العامة "فَلاَ يَخَافُ" رفعاً على تقدير فإنه لا يخاف.
وقرأ الأعمش ويحيى وإبراهيم "فَلاَ يَخَفْ" جزماً على جواب الشرط وإلغاء الفاء. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon