( أن ) مخففة من الثقيلة والمعنى : وأوحي إليَّ أن الشأن والحديث لو استقاموا لكان كذا وكذا.
قال الواحدي : وفصل لو بينها وبين الفعل كفصل ولا السين في قوله :﴿أَن لا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً﴾ [ طه : ٨٩ ] و ﴿عَلِمَ أَن سَيَكُونُ﴾ [ المزمل : ٢٠ ].
المسألة الثانية :
الضمير في قوله :﴿استقاموا﴾ إلى من يرجع ؟ فيه قولان : قال بعضهم : إلى الجن الذين تقدم ذكرهم ووصفهم، أي هؤلاء القاسطون لو آمنا لفعلنا بهم كذا وكذا.
وقال آخرون : بل المراد الإنس، واحتجوا عليه بوجهين الأول : أن الترغيب بالانتفاع بالماء الغدق إنما يليق بالإنس لا بالجن والثاني : أن هذه الآية إنما نزلت بعدما حبس الله المطر عن أهل مكة سنين، أقصى ما في الباب أنه لم يتقدم ذكر الإنس، ولكنه لما كان ذلك معلوماً جرى مجرى قوله :﴿إِنَّا أنزلناه فِى لَيْلَةِ القدر﴾ [ القدر : ١ ] وقال القاضي : الأقرب أن الكل يدخلون فيه.
وأقول : يمكن أن يحتج لصحة قول القاضي بأنه تعالى لما أثبت حكماً معللاً بعلة وهو الاستقامة، وجب أن يعم الحكم بعموم العلة.
المسألة الثالثة :
الغدق بفتح الدال وكسرها : الماء الكثير، وقرىء بهما يقال : غدقت العين بالكسر فهي غدقة، وروضة مغدقة أي كثيرة الماء، ومطر مغدوق وغيداق وغيدق إذا كان كثير الماء، وفي المراد بالماء الغدق في هذه الآية ثلاثة أقوال : أحدها : أنه الغيث والمطر، والثاني : وهو قول أبي مسلم : أنه إشارة إلى الجنة كما قال :﴿جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ [ البقرة : ٢٥ ] وثالثها : أنه المنافع والخيرات جعل الماء كناية عنها، لأن الماء أصل الخيرات كلها في الدنيا.
المسألة الرابعة :