وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) ﴾
قرأ جمهور الناس " قل أوحي إلي " من أوحى يوحي. وقرأ أبو أُناس جوية بن عائذ :" قل أوحى إلي "، من وحى يحي ووحى وأوحى، بمعنى واحد، وقال العجاج :" وحى لها القرار فاستقرت ". وقرأ أيضاً جوية فيما روى عنه الكسائي، " قل أحي " أبدلت الواو همزة كما أبدلوها في وسادة وإسادة، وغير ذلك وكذلك قرأ ابن أبي عبلة، وحكى الطبري عن عاصم أنه كان يكسر كل ألف في السورة من " أن " و" إن " إلا قوله تعالى :﴿ وأن المساجد لله ﴾ [ الجن : ١٨ ]. وحكي عن أبي عمرو أنه يكسر من أولها إلى قوله ﴿ وإن لو استقاموا على الطريقة ﴾ [ الجن : ١٦ ] فإنه كان يفتح همزة وما بعدها إلى آخر السورة. فعلى ما حكي يلزم أن تكون الهمزة مكسورة في قوله " إنه استمع "، وليس ما ذكر بثابت. وذكر أبو علي الفارسي أن ابن كثير وأبا عمرو فتحا أربعة أحرف من السورة وكسرا غير ذلك ﴿ أنه استمع ﴾، ﴿ وإن لو استقاموا ﴾ [ الجن : ١٦ ]، ﴿ وإن المساجد ﴾ [ الجن : ١٨ ]، ﴿ وإنه لما قام ﴾ [ الجن : ١٩ ]، وأن نافعاً وعاصماً في رواية أبي بكر والمفضل وافقا في الثلاثة وكسرا ﴿ وإنه لما قام ﴾ [ الجن : ١٩ ] مع سائر ما في السورة. وذكر أن ابن عامر وحمزة والكسائي كانوا يقرأون كل ما في السورة بالفتح إلا ما جاء بعد قول أو فاء جزاء، وكذلك حفص عن عاصم، فترتب إجماع القراء على فتح الألف من ﴿ أنه استمع ﴾ و" أن لو استقاموا " " وأن المساجد ". وذكر الزهراوي عن علقمة أنه كان يفتح الألف في السورة كلها. واختلف الناس في الفتح من هذه الألفات وفي الكسر اختلافاً كثيراً يطول ذكره وحصره وتقصي معانيه. قال أبو حاتم : أما الفتح فعلى ﴿ أوحي ﴾، فهو كله في موضع رفع على ما لم يسم فاعله. وأما الكسر فحكاية وابتداء وبعد القول. وهؤلاء النفر من الجن هم الذين صادفوا رسول الله ﷺ يقرأ ببطن نخلة في صلاة الصبح وهو يريد عكاظ. وقد تقدم قصصهم في سورة الأحقاف في تفسير قوله


الصفحة التالية
Icon