وروي عن أنس أنه قال : كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران، جد في أعيننا أي عظم. وقال أنس بن مالك والحسن :﴿ جد ربنا ﴾ معناه، فهذا هو من الجد الذي قال فيه النبي ﷺ :" ولا ينفع ذا الجد منك الجد "، وقال مجاهد : ذكره كله متجه لأن الجد هو حظ المجدود من الخيرات والأوصاف الجميلة، فجد الله تعالى هو الحظ الأكمل من السلطان الباهر والصفات العلية والعظمة، ومن هذا قول اليهودي حين قدم النبي ﷺ المدينة :" يا بني قيلة هذا جدكم الذي تنتظرون " أي حظكم من الخيرات وبختكم. وقال علي بن الحسين رضي الله عنه وأبو جعفر الباقر وابنه جعفر والربيع بن أنس ليس لله جد، وهذه مقالة قوم جهلة من الجن، جعلوا الله جداً أبا أب. قال كثير من المفسرين هذا قول ضعيف. وقوله :﴿ ولن نشرك بربنا أحداً ﴾ يدفعه، وكونهم فيما روي على شريعة متقدمة وفهمهم للقرآن. وقرأ محمد بن السميفع اليماني " جِد ربنا " وهو من الجد والنفع. وقرأ عكرمة " جَدٌّ ربُّنا " بفتح الجيم وضم الدال وتنوينه ورفع الرب كأنه يقول تعالى عظيم هو ربنا ف " ربنا " بدل والجد العظيم في اللغة. وقرأ حميد بن قيس " جُد ربنا " بضم الجيم. ومعناه ربنا العظيم حكاه سيبويه وبإضافته إلى الرب فكأنه قال عظيم، وهذه إضافة تجديد يوقع النحاة هذا الاسم إذا أضيفت الصفة إلى الموصوف، كما تقول جاءني كريم زيد تريد زيداً الكريم ويجري مجرى هذا عند بعضهم.
قول المتنبي [ البسيط ]
عظيم الملك في المقل... أراد الملك العظيم قال بعض النحاة، وهذا المثال يعترض بأنه أضاف إلى جنس فيه العظيم والحقير، وقرأ عكرمة أيضاً " جَداً ربُّنا " بفتح الجيم والدال وتنوينها ورفع الرب ونصب " جداً " على التمييز كما تقول تفقأت شحماً وتصببت عرقاً، وقرأ قتادة " جِداً ربُّنا " بكسر الجيم ورفع الباء وشد الدال، فنصب جداً على الحال ومعناه تعالى حقيقة ومتمكناً.