استمعوا اليه وقالوا هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم (فَقالُوا يا قومنا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) فأنزل اللّه على نبيه (قُلْ أُوحِيَ) إلخ، زاد في رواية : وإنما أوحي اليه قول الجن - أخرجاه في الصحيحين - قال القرطبي في شرح مسلم في حديث ابن عباس : هذا معناه لم يقصدهم بالقراءة بل لما تفرقوا يطلبون الخبر الذي حال بينهم وبين خبر السماء، أي استراق السمع صادف هؤلاء النفر رسول اللّه يصلي بأصحابه، وعلى هذا فهو صلّى اللّه عليه وسلم لم يعلم باستماعهم ولم يكلمهم وإنما أعلمه اللّه عز وجل بما أوحى اليه من قوله قل أوحي إلخ، وإنما حديث ابن مسعود فقضية أخرى وجنّ آخرون ولهذا البحث صلة في تفسير الآية ٢٩ من سورة الأحقاف في ج ٢ والحاصل من الكتاب والسنة أن الجن موجودون متعبدون بالأحكام الشرعية على ما يليق بحقهم وحالهم، وأن النبي صلى اللّه عليه وسلم كما هو رسول إلى الإنس رسول إلى الجن، فمن آمن به فهو مع المؤمنين في الدنيا والآخرة والجنة، ومن كفر به فهو مع الشياطين والكافرين المبعدين المعذبين في جهنم، وانه صلّى اللّه عليه وسلم وآهم رؤية بصرية لا بصورتهم الحقيقية كما في هذه الأحاديث وفيما أوردناه في تفسير الآية (٢٠٠) من الأعراف المارة - في الجزء الاول - وفي لآية ٢٥ من سورة ص المارة أيضا.