بسكون الشين وضمها وبفتح الراء والشين وضمها "فَآمَنَّا بِهِ" لما سمعناه إذ تحقق لدينا أنه كلام اللّه، وأن البشر يعجز عن مثله، وإنا رجعنا عن الإشراك بمنزل هذا القرآن "وَلَنْ نُشْرِكَ" من الآن فصاعدا "بِرَبِّنا أَحَداً" ٢
ولا شيئا من كافة الأوثان، وتدل هذه الآية على أن هؤلاء الجن كانوا مشركين، لذلك تبرأوا من الشرك ونزهوا ربهم عما يقوله الظالمون من اتخاذ الصاحبة والولد بقولهم "وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً" ٣ كما يزعمه المشركون، لأن الصاحبة تتخذ للحاجة والولد للاستئناس والمعونة، واللّه منزه عن ذلك كله.
قال أنس : كان الرجل إذا قرأ سورة البقرة وآل عمران جدّ فينا أي عظم.
ويطلق الجد على الغني، منه قوله صلى اللّه عليه وسلم
ولا ينفع ذا الجدّ منك الجد "وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا" إبليس عليه اللعنة لتعريفه بالإضافة إليهم، وقيل إن الضمير في سفيهنا يعود إلى المردة منهم، فتكون الإضافة للجنس، وهو بعيد لأن الظاهر يأباه "عَلَى اللَّهِ شَطَطاً" ٤ كذبا تجاوزا عليه عدوانا وكفرا إذ تبين لنا كذب قوله من إسناد الشريك والصاحبة والولد إليه تعالى عن ذلك "وَأَنَّا ظَنَنَّا" قبل أن نسمع هذا القرآن من الرسول محمد "أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً" ٥ لأنهم يقولون لنا ذلك ويؤكدون أقوالهم بالإيمان بأن للّه ولدا وصاحبة وشريكا، وكنا نصدق لأنا لا نعرف أن أحدا يحلف باللّه كاذبا، وقد ظهر لنا الآن أنه منزه عن ذلك كله، وأنهم كانوا يكذبون علينا وعلى خالقهم جل شأنه "وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ" وذلك أن الجاهلية كانوا اعتادوا إذا أمسى أحدهم في أرض قفر يقولون إنا نعوذ بسيّد هذا الوادي من شر سفهاء قومه، فيقول عظماء الجن سدنا الإنس أيضا.