وهذا قول صحيح لكنه لا يصح أن يكون تفسيرا للآية لمخالفة الظاهر دون دليل أو حاجة، وإنا عهدنا على أنفسنا أن لا نحول في تفسيرنا هذا عن ظاهر القرآن ما وجدنا مخرجا البتة، وهذه الأعضاء وإن ورد فيها أحاديث صحيحة لكن لا على أنها تفسير لهذه الآية.
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال : أمرنا النبي صلى اللّه عليه وسلم أن نسجد على سبعة أعضاء وأن لا نكفّ شعرا (كف الشعر عقصه وغرز طرفه في أعلى الضفيرة) ولا ثوبا (بأن نؤخره عن المسجد إذا وقع عليه) والمراد بالأعضاء السبعة ما ذكرناه آنفا "وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ" محمد صلى اللّه عليه وسلم، وهذا معطوف أيضا على أنه استمع "يَدْعُوهُ" بقراءة القرآن في الموقع الذي مر ذكره قبلا.
هذا، وما جاء بالخبر من أنه كان يصلي بأصحابه صلاة الصبح عند تفسير الآية ٩ المارة يحمل على صلاة كان يصليها تعبدا وهي ركعتان بالغداة وركعتان بالعشيّة فرضت عليه خاصة، لأن الصلاة لم تفرض بعد ولأن حادثة الجنّ وقعت قبل الإسراء كما أشرنا آنفا إلا أن يقال إن الإسراء في السنة الخامسة عند نزول سورة والنجم، أو أن الإسراء
نزلت متأخرة عنه، فتكون من الذي تقدم حكمه على نزوله، وقوله على فعله وحينئذ يكون المراد بهذه الصلاة، الصلاة المفروضة، وكذلك كل صلاة ورد ذكرها بعد سورة والنجم، ولم أجد ما يؤيد هذا ولم أحظ بجواب من العلماء فيه وهو مما توقفت فيه حيث لم أجد قولا من المفسرين الذين اطلعت على تفاسيرهم في هذا، فأسأل اللّه أن يوفقنا قبل إتمامه على ما هو الصواب لنضعه فيه ومن اللّه التوفيق "كادُوا" أي الجن والإنس المذكورون في الخبر المار ذكره "يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً" ١٩ متلبدين يركب بعضهم بعضا من شدة الازدحام على رؤيته واستماع القرآن منه، كي لا يفوتهم شيء مما قرأه عليهم.


الصفحة التالية
Icon