فإن قيل : كون الإنسان الواحد آتياً لجميع أنواع المعاصي محال، لأن من المحال أن يكون قائلاً بالتجسم، وأن يكون مع ذلك قائلاً بالتعطيل، وإذا كان ذلك محالاً فحمل الآية عليه غير جائز قلنا : تخصيص العام بدليل العقل جائز، فقولنا :﴿وَمَن يَعْصِ الله﴾ يفيد كونه آتياً بجميع أنواع المعاصي، ترك العمل به في القدر الذي امتنع عقلاً حصوله فيبقى متناولاً للآتي بجميع الأشياء التي يمكن الجمع بينها، ومن المعلوم أن الجمع بين الكفر وغيره ممكن فتكون الآية مختصة به.
المسألة الثانية :
تمسك القائلون بأن الأمر للوجوب بهذه الآية فقالوا : تارك المأمور به عاص لقوله تعالى :﴿أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى﴾ [ طه : ٩٣ ]، ﴿لاَّ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ﴾ [ التحريم : ٦ ]، ﴿لا أَعْصِى لَكَ أمْراً﴾ [ الكهف : ٦٩ ] والعاصي مستحق للعقاب لقوله :﴿وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خالدين فِيهَا أَبَداً ﴾.
حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (٢٤)


الصفحة التالية
Icon