والكلام على التشبيه، أي كاد المشركون يكونون مثل اللَبد متراصين مقتربين منه يستمعون قراءته ودعوته إلى توحيد الله.
وهو التفاف غيظ وغضب وهممٍ بالأذى كما يقال : تأَلبوا عليه.
ومعنى ﴿ قام ﴾ : اجتهد في الدعوة إلى الله، كقوله تعالى :﴿ إذ قاموا فقالوا ربّنا ربّ السماوات والأرض ﴾ في سورة الكهف ( ١٤ )، وقال النابغة:
بأن حِصنا وحيّاً من بني أسد...
قَاموا فقالوا حمانا غير مقروب
وقد تقدم عند قوله تعالى :﴿ ويقيمون الصلاة ﴾ في أول سورة البقرة ( ٣ ).
ومعنى قيام النبي إعلانه بالدعوة وظهور دعوته قال جَزْءٌ بنُ كليب الفقعسي:
فلا تبغينها يا بنَ كُوز فإنه...
غذَا الناسُ مُذ قام النبي الجواريا
أي قام يعبدُ الله وحده، كما دل عليه بيانه بقوله بعده : قال إنما أدعو ربّي ولا أشرك به أحداً }، فهم لما لم يعتادوا دعاء غير الأصنام تجمعوا لهذا الحدث العظيم عليهم وهو دعاء محمد ﷺ لله تعالى.
وجملة ﴿ قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً ﴾ بيان لجملة ﴿ يدعوه ﴾.
وقرأ الجمهور ﴿ قال ﴾ بصيغة الماضي.
وقرأه حمزة وعاصم وأبو جعفر ﴿ قل ﴾ بدون ألف على صيغة الأمر، فتكون الجملة استئنافاً.
والتقدير : أوحي إلي أنه لما قام عبد الله إلى آخره قل إنما أدعو ربي، فهو من تمام ما أوحي به إليه.
و﴿ إنما أدعو ربي ﴾، يفيد قصراً، أي لا أدعو غيره، أي لا أعبد غيره دونه.
وعطف عليه ﴿ ولا أشرك به أحداً ﴾ تأكيداً لمفهوم القصر، وأصله أن لا يعطف فعطفه لمجرد التشريك للعناية باستقلاله بالإِبلاغ.
قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (٢١)
هذا استئناف ابتدائي.


الصفحة التالية
Icon