أما قوله :﴿وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ﴾ فهو يدل على كونه تعالى عالماً بالجزئيات، وأما قوله :﴿وأحصى كُلَّ شَىْء عَدَداً﴾ فهو يدل على كونه عالماً بجميع الموجودات، فإن قيل : إحصاء العدد إنما يكون في المتناهي، وقوله :﴿كُلّ شَىْء﴾ يدل على كونه غير متناه، فلزم وقوع التناقض في الآية، قلنا : لا شك أن إحصاء العدد إنما يكون في المتناهي، فأما لفظة ﴿كُلّ شَىْء﴾ فإنها لا تدل على كونه غير متناه، لأن الشيء عندنا هو الموجودات، والموجودات متناهية في العدد، وهذه الآية أحد ما يحتج به على أن المعدوم ليس بشيء، وذلك لأن المعدوم لو كان شيئاً، لكانت الأشياء غير متناهية، وقوله :﴿وأحصى كُلَّ شَىْء عَدَداً﴾ يقتضي كون تلك المحصيات متناهية، فيلزم الجمع بين كونها متناهية وغير متناهية وذلك محال، فوجب القطع بأن المعدوم ليس بشيء حتى يندفع هذا التناقض.
والله سبحانه وتعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على سيد المرسلين، وخاتم النبيين محمد النبي وآله وصحبه أجمعين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٠ صـ ١٤٨ ـ ١٥٠﴾


الصفحة التالية
Icon