وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦) ﴾
الضمير في قوله ﴿ استقاموا ﴾ قال أبو مجلز والفراء والربيع بن أنس وزيد ابن أسلم والضحاك بخلاف عنه : الضمير عائد على قوله ﴿ من أسلم ﴾ [ الجن : ١٤ ]، و﴿ الطريقة ﴾ طريقة الكفر، لو كفر من أسلم من الناس ﴿ لأسقيناهم ﴾ إملاء لهم واستدراجاً. وقال قتادة وابن جبير وابن عباس ومجاهد الضمير عائد على " القاسطين ". والمعنى على طريقة الإسلام والحق لأنعمنا عليهم، وهذا المعنى نحو قوله :﴿ ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ﴾ [ المائدة : ٦٥ ]، وقوله ﴿ لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ﴾ [ المائدة : ٦٦ ]. وهذا قول أبين لأن استعارة الاستقامة للكفر قلقة. وقرأ الأعمش وابن وثاب " وأن لوُ " بضم الواو. وقال أبو الفتح هذا تشبيه بواو الجماعة اشتروا الضلالة، والماء الغدق : هو الماء الكثير. وقرأ جمهور الناس " غدَقاً " بفتح الدال، وقرأ عاصم في رواية الأعشى عنه بكسرها. وقوله تعالى :﴿ لنفتنهم ﴾ إن كان المسلمون فمعناه لنختبرهم، وإن كان القاسطون فمعناه لنمتحنهم ونستدرجهم، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : حيث يكون الماء فثم المال، وحيث يكون المال فثم الفتنة، ونزع بهذه الآية، وقال الحسن وابن المسيب وجماعة من التابعين : كانت الصحابة سامعين مطيعين، فلما فتحت كنوز كسرى وقيصر وثب بعثمان فقتل وثارت الفتن. و﴿ يسلكه ﴾ معناه يدخله، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بفتح الياء أي " يسلكه " الله، وقرأ بعض التابعين " يُسلكه " بضم الياء من أسلك وهما بمعنى، وقرأ باقي السبعة " نسلكه " بنون العظمة، وقرأ ابن جبير " نُسلِكه " بنون مضمومة ولام مكسورة. و﴿ صعداً ﴾ معناه شاقاً، تقول فلان في صعد من أمره أي في مشقة، وهذا أمر يتصعدني، وقال عمر : ما تصعدني شيء كما تصعدني خطبة النكاح، وقال أبو سعيد الخدري وابن عباس : صعد جبل في النار، وقرأ قوم " صُعُوداً " بضم الصاد والعين، وقرأ الجمهور بفتح الصاد والعين،


الصفحة التالية
Icon