ولما كان ما أعلى إليه خطاب الصوم صوم الشهر على حكم وحدته الآتية على ليلة ونهاره إعلاء عن رتبة الكتب الأول التي هي أيام معدودات مفصول ما بين أيامها بلياليها ليجري النهار على حكم العبادة والليل على حكم الطبع والحاجة فكان في هذا الإعلاء إطعام الضعيف مما يطعمه الله ويسقيه لا لأنّه منه أخذ بطبع بل بأنه حكم عليه حكم بشرع حين جعل الشرعة على حكم طباعهم، كما قال في الساهي :" إنما أطعمه الله وسقاه "، وفيه إغناء القوي عن الطعام والشراب كما قال عليه الصلاة والسلام :" إني لست كهيئتكم "، فكان يواصل، وأذن في الوصال إلى السحر، فكما أطعموا وسقوا شرعة مع تمادي حكم الصوم فكذلك أنكحوا شرعة مع تمادي حكمه، فصار نكاحهم ائتماراً بحكم الله لا إجابة طبع ولا غرض نفس فقال :﴿فالآن﴾ أي حين أظهر لكم إظهار الشرعة على العلم فيكم وما جبلت عليه طباعكم فسدت عنكم أبواب المخالفة التي فتحت على غيركم ﴿باشروهن﴾ حكماً، حتى استحب طائفة من العلماء النكاح للصائم ليلاً حيث صار طاعة، وهو من المباشرة وهي التقاء البشرتين عمداً ﴿وابتغوا﴾ أي اطلبوا بجد ورغبة ﴿ما كتب الله﴾ أي الذي له القدرة الكاملة فلا يخرج شيء عن أمره ﴿لكم﴾ أي من الولد أو المحل الحل، وفيه إشعار بأن ما قضي من الولد في ليالي رمضان نائل بركة ذرئه على نكاح أمر به حتى كان بعض علماء الصحابة يفطر على النكاح. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٥٣﴾
وقال الشيخ الطاهر بن عاشور :
وقوله تعالى :﴿فالئن باشروهن﴾ الأمر للإباحة، وليس معنى قوله ﴿فالئن﴾ إشارة إلى تشريع المباشرة حينئذٍ بل معناه فاللآن اتضح الحكم فباشروهن ولا تختانوا أنفسكم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٨٣﴾
قال الفخر :
المباشرة فيها قولان : أحدهما : وهو قول الجمهور : أنها الجماع، سمي بهذا الاسم لتلاصق البشرتين وإنضمامهما، ومنها ما روي أنه عليه السلام نهى أن يباشر الرجل الرجل، والمرأة المرأة


الصفحة التالية
Icon