أبعد البعد، ولذلك يعلن للنبي ﷺ ﴿إنما عليك البلاغ﴾ [الرعد : ٤٠] وكان أن ما يتلوه لأمته إنما هو كلام ربه يتلو لهم كلام ربهم ليسمعوه من ربهم لأمته حتى لا يكون ﷺ واسطة بين العبد وربه بل يكون يوصل العبد إلى ربه، وللإشارة بهذا المعنى يتلى كلمة قل، في القرآن ليكون إفصاحاً لسماع كلام الله سبحانه وتعالى ممن سمع كائناً من كان، وفي إشعاره إهزاز القلوب والأسماع إلى نداء الحج إثر الصوم، لأنه جعل تعالى أول يوم من شهور الحج إثر يوم من أيام الصوم، فكأن منادي الله ينادي يوم الفطر بالحج، ففي خفي إشارته إعلاء نداء إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي تقدم أساس أمر الإسلام على حنيفيته وملته، وليكون في هذه الآية الجامعة توطئة لذكر الحج لما تقدم من أن هذه السورة تنتظم جوامعها خلال تفاصيلها انتظاماً عجيباً يليح المعنى لأهل الفهم ويفصله لأهل العلم ثم يحكم به على أهل الحكم قال :﴿أجيب﴾ من الإجابة وهي اللقاء بالقول ابتداء شروع لتمام اللقاء بالمواجهة ﴿دعوة الداع﴾ ففيه إشعار بإجابة الداعي أي للحج عند خاتمة الصوم يعني لما بين العبادتين من تمام المناسبة، فإن حال الصوم التابع لآية الموت في كونه محواً لحال البرزخ وحال الحج في كونه سفراً إلى مكان مخصوص على حال التجرد كحال الحشر ؛ قال : وجاء الفطر يعني بعد إكمال الصوم بما يعين على إجابة دعوة الوفادة على الله سبحانه وتعالى إثر الخلوة في بيت الله ليكون انتقالهم من بيت خلوته بالعكوف إلى موقف تجليه في الحج، وفيه تحقيق للداعي من حاله ليس الداعي من أغراضه وشهواته، فإن الله سبحانه وتعالى يجيب دعوة العبد إذا كان فيه رشد وإلا ادخرها له أو كفر بها عنه كما بينه صلى الله عليه وسلم.