فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة
قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة المدثر
الظاهر أن سورة المدثر نزلت قبل سورة المزمل، وقيل هى أول ما نزل من القرآن الكريم، وهذا غير صحيح، فهى أول ما نزل بعد انقطاع الوحى وتشوق الرسول إلى استقباله. وفى الآيات الأولى معالم للسيرة التى يستحبها الله من نبيه " يا أيها المدثر * قم فأنذر ". أى خوف المشركين عقبى بقائهم على وثنيتهم. " وربك فكبر ". انسب إلى ذات الله كل مجد وجلال وسناء. وتكبير الله يفتتح به الأذان وسائر الصلوات ومعارك الجهاد، وهو شعار الإسلام. " وثيابك فطهر " المقصود الجسم والثياب معا، فالنظافة خلق الإسلام " والرجز فاهجر " تجنب القبائح كلها. " ولا تمنن تستكثر " أعط ولا تمن واقصد وجه ربك. " ولربك فاصبر " تحمل فى ذات الله ما يصيبك! وبعد أن خوف المشركين بيوم الحساب، ذكر أحد كبرائهم الذين يقاومون الدعوة ويصفون الوحى بأنه سحر، وكان رجلا واسع الجاه والمال يلقب بالوحيد لمكانته المادية والأدبية. " ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا ". وتحقير هذا الرئيس يتناول قن وراءه كلهم " سأصليه سقر * وما أدراك ما سقر * لا تبقي ولا تذر * لواحة للبشر * عليها تسعة عشر ". وهذا العدد إحصاء لملائكة العذاب المكلفين بتأديب الطغاة والضلال والفراعنة. ثم عاد النظم الكريم إلى أبرز ما فى الحياة الدنيا، يذكر الليل وإدباره والصبح وإسفاره واختبار البشر بشتى التكاليف ليميز الخبيث من الطيب، فقال " كلا والقمر * والليل إذ أدبر * والصبح إذا أسفر * إنها لإحدى الكبر * نذيرا للبشر * لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر " والتقدم والتأخر مربوطان بالنشاط والعجز، وليست حظوظا عمياء، ولذلك قال بعدئذ