وقال الحسن وغيره : أي ثم يطمع أن أدخله الجنة، وكان الوليد يقول : إن كان محمد صادقاً فما خُلقت الجنة إلا لي ؛ فقال الله تعالى ردًّا عليه وتكذيباً له :﴿ كَلاَّ ﴾ أي لستُ أزيده، فلم يزل يرى النقصان في ماله وولده حتى هلك.
و"ثُمَّ" في قوله تعالى :﴿ ثُمَّ يَطْمَعُ ﴾ ليست بثم التي للنَّسق ولكنها تعجيب ؛ وهي كقوله تعالى :﴿ وَجَعَلَ الظلمات والنور ثْمَّ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [ الأنعام : ١ ] وذلك كما تقول : أعطيتك ثم أنت تجفوني ؛ كالمتعجّب من ذلك.
وقيل يطمع أن أترك ذلك في عقبه ؛ وذلك أنه كان يقول : إن محمداً مبتور ؛ أي أبتر وينقطع ذكره بموته.
وكان يظنّ أن ما زرق لا ينقطع بموته.
وقيل : أي ثم يطمع أن أنصره على كفره.
و﴿ كَلاَّ ﴾ قطعٌ للرجاء عما كان يطمع فيه من الزيادة ؛ فيكون متصلاً بالكلام الأوّل.
وقيل :﴿ كَلاَّ ﴾ بمعنى حقًّا ويكون ابتداء.
﴿ إِنَّهُ ﴾ يعني الوليد ﴿ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً ﴾ أي معانداً للنبيّ ﷺ وما جاء به ؛ يقال : عاند فهو عنِيد مثل جالِس فهو جلِيس ؛ قاله مجاهد.
وعَنَدَ يَعْنِد بالكسر أي خالف وردّ الحقّ وهو يعرفه فهو عنِيد وعانِد.
والعانِد : البعير الذي يجور عن الطريق ويعدل عن القصد والجمع عُنَّد مثل راكِع ورُكَّع ؛ وأنشد أبو عبيدة قول الحارثيّ :
إذا رَكِبتُ فاجعلاني وَسَطَا...
إنِّي كَبيرٌ لا أطيقُ الْعُنَّدَا
وقال أبو صالح :﴿ عَنِيداً ﴾ معناه مباعداً ؛ قال الشاعر :
أرَانا على حالٍ تُفَرِّقُ بَيْنَنَا...
نَوْىً غَرْبَةٌ إنّ الفِرَاقَ عَنُود
قتادة : جاحداً.
مقاتل : معرضاً.
ابن عباس : جحوداً.
وقيل : إنه المجاهر بعدوانه.
وعن مجاهد أيضاً قال : مجانباً للحق معانداً له معرضاً عنه.
والمعنى كله متقارب.
والعرب تقول : عَنَد الرجل إذا عَتا وجاوز قدره.
والعَنُود من الإبل : الذي لا يخالط الإبل، إنما هو في ناحية.