ثالثها : أنها هي النفوس الشريفة التي لا تزال تلوم نفسها وإن اجتهدت في الطاعة، وعن الحسن أن المؤمن لا تراه إلا لائماً نفسه، وأما الجاهل فإنه يكون راضياً بما هو فيه من الأحوال الخسيسة ورابعها : أنها نفس آدم لم تزل تلوم على فعلها الذي خرجت به من الجنة وخامسها : المراد نفوس الأشقياء حين شاهدت أحوال القيامة وأهوالها، فإنها تلوم نفسها على ما صدر عنها من المعاصي، ونظيره قوله تعالى :﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحسرتى على مَا فَرَّطَتُ﴾ [ الزمر : ٥٦ ] وسادسها : أن الإنسان خلق ملولا، فأي شيء طلبه إذا وجده مله، فحينئذ يلوم نفسه على أني لم طلبته، فلكثرة هذا العمل سمي بالنفس اللوامة، ونظيره قوله تعالى :﴿إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً﴾ [ المعارج : ١٩ ٢١ ] واعلم أن قوله لوامة، ينبىء عن التكرار والإعادة، وكذا القول في لوام وعذاب وضرار.
المسألة الثالثة :
اعلم أن في الآية إشكالات أحدها : ما المناسبة بين القيامة وبين النفس اللوامة، حتى جمع الله بينهما في القسم ؟ وثانيها : المقسم عليه، هو وقوع القيامة فيصير حاصلة أنه تعالى أقسم بوقوع القيامة وثالثها : لم قال :﴿لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة﴾ ولم يقل : والقيامة، كما قال في سائر السور، والطور والذاريات والضحى ؟ والجواب : عن الأول من وجوه أحدها : أن أحوال القيامة عجيبة جداً، ثم المقصود من إقامة القيامة إظهار أحوال النفوس اللوامة.