أعني سعادتها وشقاوتها، فقد حصل بين القيامة والنفوس اللوامة هذه المناسبة الشدية وثانيها : أن القسم بالنفس اللوامة تنبيه على عجائب أحوال النفس على ما قال عليه الصلاة والسلام :" من عرف نفسه فقد عرف ربه " ومن أحوالها العجيبة، قوله تعالى :﴿وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [ الذاريات : ٥٦ ] وقوله :﴿إِنَّا عَرَضْنَا الامانة﴾ إلى قوله ﴿وَحَمَلَهَا الإنسان﴾ [ الأحزاب : ٧٢ ] وقال قائلون : القسم وقع بالنفس اللوامة على معنى التعظيم لها من حيث إنها أبداً تستحقر فعلها وجدها واجتهادها في طاعة الله، وقال آخرون : إنه تعالى أقسم بالقيامة، ولم يقسم بالنفس اللوامة، وهذا على القراءة الشاذة التي رويناها عن الحسن، فكأنه تعالى قال : أقسم بيوم القيامة تعظيماً لها، ولا أقسم بالنفس تحقيراً لها، لأن النفس اللوامة إما أن تكون كافرة بالقيامة مع عظم أمرها، وإما أن تكون فاسقة مقصرة في العمل، وعلى التقديرين فإنها تكون مستحقرة.
وأما السؤال الثاني : فالجواب عنه ما ذكرنا أن المحققين قالوا : القسم بهذه الأشياء قسم بربها وخالقها في الحقيقة، فكأنه قيل : أقسم برب القيامة على وقوع يوم القيامة.
وأما السؤال الثالث : فجوابه أنه حيث أقسم قال :﴿والطور﴾ [ الطور : ١ ] ﴿والذريات﴾ [ الذاريات : ١ ] وأما ههنا فإنه نفى كونه تعالى مقسماً بهذه الأشياء، فزال السؤال، والله تعالى أعلم.
أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣)
فيه مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon