قال الفرّاء : وكان من لا يعرف هذه الجهة يقرأ "لأَقِسمُ" بغير ألف ؛ كأنه لام تأكيد دخلت على أقسم، وهو صواب ؛ لأن العرب تقول : لأقسم بالله وهي قراءة الحسن وابن كثير والزهريّ وابن هُرْمز ﴿ بِيَوْمِ القيامة ﴾ أي بيوم يقوم الناس فيه لربّهم، ولله عز وجل أن يقسم بما شاء.
﴿ وَلاَ أُقْسِمُ بالنفس اللوامة ﴾ لا خلاف في هذا بين القراء، وهو أنه أقسم سبحانه بيوم القيامة تعظيماً لشأنه ولم يقسم بالنفس.
وعلى قراءة ابن كثير أقسم بالأولى ولم يقسم بالثانية.
وقيل :﴿ وَلاَ أُقْسِمُ بالنفس اللوامة ﴾ ردّ آخر وابتداء قسم بالنفس اللوامة.
قال الثعلبيّ : والصحيح أنه أقسم بهما جميعاً.
ومعنى :"بالنَّفْسِ الَّلَّوامَةِ" أي بنفس المؤمن الذي لا تراه إلا يلوم نفسه، يقول : ما أردتُ بكذا؟ فلا تراه إلا وهو يعاتب نفسه ؛ قاله ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم.
قال الحسن : هي والله نفس المؤمن، ما يُرَى المؤمن إلا يلوم نفسه : ما أردتُ بكلامي؟ ما أردتُ بأكلي؟ ما أردتُ بحديث نفسي؟ والفاجر لا يحاسب نفسه.
وقال مجاهد : هي التي تلوم على ما فات وتندم، فتلوم نفسها على الشر لِم فعلته، وعلى الخير لم لا تستكثر منه.
وقيل : إنها ذات اللوم.
وقيل : إنها تلوم نفسها بما تلوم عليه غيرها ؛ فعلى هذه الوجوه تكون اللوّامة بمعنى اللائمة، وهو صفة مدح ؛ وعلى هذا يجيء القسم بها سائغاً حسناً.
وفي بعض التفسير : إِنه آدم عليه السلام لم يزل لائماً لنفسه على معصيته التي أُخرج بها من الجنة.
وقيل : اللوّامة بمعنى الملُومة المذمومة عن ابن عباس أيضاً فهي صفة ذمّ وهو قول من نفى أن يكون قسماً ؛ إذ ليس للعاصي خَطَر يُقْسَم به، فهي كثيرة اللوم.
وقال مقاتل : هي نفس الكافر يلوم نفسه، ويتحسّر في الآخرة على ما فرّط في جنب الله.