وقال الفراء : ليس من نفس محسنة أو مسيئة إلا وهي تلوم نفسها ؛ فالمحسن يلوم نفسه أن لو كان ازداد إحساناً والمسيء يلوم نفسه ألا يكون ارعوى عن إساءته.
قوله تعالى :﴿ أَيَحْسَبُ الإنسان أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ ﴾ فنعيدها خلقاً جديداً بعد أن صارت رُفاتاً.
قال الزجاج : أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوّامة : ليجمعن العظام للبعث، فهذا جواب القسم.
وقال النحاس : جواب القسم محذوف أي لتبعثنّ ؛ ودلّ عليه قوله تعالى :﴿ أَيَحْسَبُ الإنسان أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ ﴾ لِلإحياء والبعث.
والإنسان هنا الكافر المكذّب للبعث.
الآية نزلت في عديّ بن ربيعة قال للنبيّ ﷺ : حدّثني عن يوم القيامة متى تكون، وكيف أمرها وحالها؟ فأخبره النبيّ ﷺ بذلك ؛ فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد ولم أومن به، أو يَجمع الله العظام؟! ولهذا كان النبيّ ﷺ يقول :" اللهمّ اكفني جارَيِ السُّوءِ عديَّ بن ربيعة، والأخنَس بن شَرِيق " وقيل : نزلت في عدوّ الله أبي جهل حين أنكر البعث بعد الموت.
وذكر العظام والمراد نفسه كلها ؛ لأن العظام قالَب الخَلْق.
﴿ بلى ﴾ وقف حسن ثم تبتديء ﴿ قَادِرِينَ ﴾.
قال سيبويه : على معنى نجمعها قادرين، ف "قادِرِين" حال من الفاعل المضمر في الفعل المحذوف على ما ذكرناه من التقدير.
وقيل : المعنى بلى نقدر قادرين.
قال الفراء :"قَادِرِينَ" نصب على الخروج من "نَجْمَع" أي نقدر ونقوى "قَادِرِينَ" على أكثر من ذلك.
وقال أيضاً : يصلح نصبه على التكرير أي "بَلَى" فليحسبنا قادرين.
وقيل : المضمر ( كنا ) أي كنا قادرين في الابتداء، وقد اعترف به المشركون.
وقرأ ابن أبي عَبْلة وابن السَّمَيْقَع "بَلَى قَادِرُونَ" بتأويل نحن قادرون.
﴿ على أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ﴾ البنان عند العرب : الأصابع، واحدها بنانة ؛ قال النابغة :