ذكروا في كيفية الجمع وجوهاً أحدها : أنه تعالى قال :﴿لاَ الشمس يَنبَغِى لَهَا أَن تدْرِكَ القمر﴾ [ يس : ٤٠ ] فإذا جاء وقت القيامة أدرك كل واحد منهما صاحبه واجتمعا وثانيها : جمعا في ذهاب الضوء، فهو كما يقال : الشافعي يجمع ما بين كذا وكذا في حكم كذا وثالثها : يجمعان أسودين مكورين كأنهما ثوران عقيران في النار، وقيل : يجمعان ثم يقذفان في البحر، فهناك نار الله الكبرى واعلم أن هذه الوجوه التي ذكرناها في قوله، وخسف القمر، وجمع الشمس والقمر إنما تستقيم على مذهب من يجعل برق البصر من علامات القيامة، فأما من يجعل برق البصر من علامات الموت قال معنى :﴿وَخَسَفَ القمر﴾ أي ذهب ضوء البصر عند الموت، يقال عين خاسفة، إذا فقئت حتى غابت حدقتها في الرأس، وأصلها من خسفت الأرض إذا ساخت بما عليها، وقوله :﴿وَجُمِعَ الشمس والقمر﴾ كناية عن ذهاب الروح إلى عالم الآخرة، كأن الآخرة كالشمس، فإنه يظهر فيها المغيبات وتتضح فيها المبهمات، والروح كالقمر فإنه كما أن القمر يقبل النور من الشمس، فكذا الروح تقبل نور المعارف من عالم الآخرة، ولا شك أن تفسير هذه الآيات بعلامات القيامة أولى من تفسيرها بعلامات الموت وأشد مطابقة لها.
المسألة الثانية :
قال الفراء : إنما قال جمع، ولم يقل : جمعت لأن المراد أنه جمع بينهما في زوال النور وذهاب الضوء، وقال الكسائي، المعنى جمع النوران أو الضياءان، وقال أبو عبيدة، القمر شارك الشمس في الجمع، وهو مذكر، فلا جرم غلب جانب التذكير في اللفظ، قال الفراء، قلت : لمن نصر هذا القول : كيف تقولون : الشمس جمع والقمر ؟ فقالوا : جمعت، فقلت ما الفرق بين الموضعين ؟ فرجع عن هذا القول.
المسألة الثالثة :