طعنت الملاحدة في الآية، وقالوا : خسوف القمر لا يحصل حال اجتماع الشمس والقمر والجواب : الله تعالى قادر على أن يجعل القمر منخسفاً، سواء كانت الأرض متوسطة بينه وبين الشمس، أو لم تكن، والدليل عليه أن الأجسام متماثلة، فيصح على كل واحد منها ما يصح على الآخر، والله قادر على كل الممكنات، فوجب أن يقدر على إزالة الضوء عن القمر في جميع الأحوال.
قوله تعالى :﴿يَقُولُ الإنسان يَوْمَئِذٍ أَيْنَ المفر﴾ أي يقول هذا الإنسان المنكر للقيامة إذا عاين هذه الأحوال أين المفر، والقراءة المشهورة بفتح الفاء، وقرىء أيضاً بكسر الفاء، والمفر بفتح الفاء هو الفرار، قال الأخفش والزجاج : المصدر من فعل يفعل مفتوح العين.
وهو قول جمهور أهل اللغة، والمعنى أين الفرار، وقول القائل : أين الفرار يحتمل معنيين أحدهما : أنه لا يرى علامات مكنة الفرار فيقول حينئذ : أين الفرار، كما إذا أيس من وجدان زيد يقول : أين زيد والثاني : أن يكون المعنى إلى أين الفرار، وأما المفر بكسر الفاء فهو الموضع، فزعم بعض أهل اللغة أن المفر بفتح الفاء كما يكون اسماً للمصدر، فقد يكون أيضاً اسماً للموضع والمفر بكسر الفاء كما يكون اسماً للموضع، فقد يكون مصدراً ونظيره المرجع.
كَلَّا لَا وَزَرَ (١١)
قوله تعالى :﴿كَلاَّ﴾ وهو ردع عن طلب المفر ﴿لاَ وَزَرَ﴾ قال المبرد والزجاج : أصل الوزر الجبل المنيع، ثم يقال : لكل ما التجأت إليه وتحصنت به وزر، وأنشد المبرد قول كعب بن مالك :
الناس آلت علينا فيك ليس لنا.. إلا السيوف وأطراف القنا وزر
ومعنى الآية أنه لا شيء يعتصم به من أمر الله.
إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢)