والله أعلم.
وفي الصحيح :" من سنّ في الإسلام سنّة حسنةً كان له أجرها وأجر من عمِل بها بعده، من غير أن يُنقَص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنة سيئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء "
قوله تعالى :﴿ بَلِ الإنسان على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴾
قال الأخفش : جعله هو البصيرة، كما تقول للرجل أنت حجة على نفسك.
وقال ابن عباس :"بَصِيرَةٌ" أي شاهد، وهو شهود جوارحه عليه : يداه بما بطش بهما، ورجلاه بما مشى عليهما، وعيناه بما أبصر بهما.
والبصيرة : الشاهد.
وأنشد الفرّاء :
كأنّ على ذي العقلِ عَيْناً بصيرةً...
بمعقِده أو مَنْظَرٍ هو ناظِرُهُ
يُحاذِرْ حتى يَحسِبَ الناسَ كلَّهمْ...
من الخوفِ لا تَخْفَى عليهم سَرَائِرُهُ
ودليل هذا التأويل من التنزيل قوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [ النور : ٢٤ ].
وجاء تأنيث البصيرة لأن المراد بالإنسان ها هنا الجوارح، لأنها شاهدة على نفس الإنسان ؛ فكأنه قال : بل الجوارح على نفس الإنسان بصيرة ؛ قال معناه القتبيّ وغيره.
وناس يقولون : هذه الهاء في قوله :"بَصِيرَةٌ" هي التي يسمِّيها أهل الإعراب هاء المبالغة، كالهاء في قولهم : داهِية وعلاّمة وراوية.
وهو قول أبي عُبيد.
وقيل المراد بالبصيرة الكاتبان اللذان يكتبان ما يكون منه من خير أو شر ؛ يدل عليه قوله تعالى :﴿ وَلَوْ ألقى مَعَاذِيرَهُ ﴾ فيمن جعل المعاذير السُّتور.
وهو قول السّديّ والضحاك.
وقال بعض أهل التفسير : المعنى بل على الإنسان من نفسه بصيرة ؛ أي شاهد فحذف حرف الجر.
ويجوز أن يكون "بصيرة" نعتاً لاسم مؤنث فيكون تقديره : بل الإنسان على نفسه عين بصيرة ؛ وأنشد الفراء :
كأنّ على ذِي العقلِ عيناً بصيرةً...


الصفحة التالية
Icon