والدليل على هذا قوله تعالى في الكفار :﴿ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [ الأنعام : ٢٣ ]، وقوله تعالى في المنافقين :﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ﴾ [ المجادلة : ١٨ ].
وفي الصحيح أنه يقول :" يا ربِّ آمنتُ بك وبكتابك وبرسولك، وصليت وصُمتُ وتصدّقتُ، ويُثني بخير ما استطاع " الحديث.
وقد تقدم في "حما السجدة" وغيرها.
والمعاذير والمعاذِر : جمع مَعْذرة ؛ ويقال : عَذَرته فيما صنع أعذِره عُذْراً وعُذُراً، والاسم المَعْذِرة والعُذْرى ؛ قال الشاعر :
إنِّي حُدِدْتُ ولا عُذْرَى لِمَحْدُودِ...
وكذلك العِذْرة وهي مثل الرِّكْبَة والجِلْسَة ؛ قال النابغة :
ها إِنْ تَاعِذْرَةٌ إلاّ تَكُنْ نَفَعَتْ...
فإنّ صاحِبَها قَدْ تاه في الْبَلَدِ
وتضمّنت هذه الآية خمس مسائل :
الأولى قال القاضي أبو بكر بن العربيّ قوله تعالى :﴿ بَلِ الإنسان على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ ألقى مَعَاذِيرَهُ ﴾ : فيها دليل على قبول إقرار المرء على نفسه ؛ لأنها بشهادة منه عليها ؛ قال الله سبحانه وتعالى :﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [ النور : ٢٤ ] ولا خلاف فيه ؛ لأنه إخبار على وجه تنتفي التهمة عنه ؛ لأن العاقل لا يكذب على نفسه، وهي المسألة :


الصفحة التالية
Icon