الثانية وقد قال سبحانه في كتابه الكريم :﴿ وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النبيين لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ على ذلكم إِصْرِي قالوا أَقْرَرْنَا قَالَ فاشهدوا وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ الشاهدين ﴾ [ آل عمران : ٨١ ] ثم قال تعالى :﴿ وَآخَرُونَ اعترفوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ﴾ [ التوبة : ١٠٢ ] وهو في الآثار كثير ؛ قال النبيّ ﷺ :" اغد يا أُنَيْس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها " فأما إقرار الغير على الغير بوارث أو دين فقال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا في الرجل يهلك وله بنون، فيقول أحدهم : إن أبي قد أقرّ فلاناً ابنه، أن ذلك النسب لا يثبت بشهادة إنسان واحد، ولا يجوز إقرار الذي أقرّ إلا على نفسه في حصته من مال أبيه، يعطي الذي شهد له قدر الدين الذي يصيبه من المال الذي في يده.
قال مالك : وتفسير ذلك أن يهلك الرجل ويترك ابنين ويترك ستمائة دينار، ثم يشهد أحدهما بأن أباه الهالك أقر أن فلاناً ابنه، فيكون على الذي شهد للذي استحق مائة دينار، وذلك نصف ميراث المستلحَق لو لحق، وإن أقرّ له الآخر أخذ المائة الآخرى فاستكمل حقّه وثبت نسبه.
وهو أيضاً بمنزلة المرأة تقر بالدين على أبيها أو على زوجها وينكر ذلك الورثة، فعليها أن تدفع إلى الذي أقرّت له قدر الذي يصيبها من ذلك الدين لو ثبت على الورثة كلهم، إن كانت امرأة فورثت الثُّمن دفعت إلى الغريم ثمن دينه، وإن كانت ابنة ورثت النصف دفعت إلى الغريم نصف دينه، على حساب هذا يدفع إليه من أقرّ له من النساء.


الصفحة التالية
Icon