فقيل له : ومن أين تقول ذلك؟ قال : لأن الله تعالى قال :﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ الله فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ﴾ [ التوبة : ٢٥ ] وغزواته وسراياه كانت اثنتين وسبعين.
وهذا لا يصح ؛ لأنه أخرج حُنَيْنا منها، وكان حقّه أن يقول يقبل في أحد وسبعين، وقد قال الله تعالى :﴿ اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً ﴾ [ الأحزاب : ٤١ ]، وقال :﴿ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ ﴾ [ النساء : ١١٤ ]، وقال :﴿ والعنهم لَعْناً كَبِيراً ﴾ [ الأحزاب : ٦٨ ].
الصورة السادسة : إذا قال له : عندي عشرة أو مائة أو ألف، فإنه يُفَسّرها بما شاء ويُقْبل منه، فإن قال ألف درهم أو مائة وعبد أو مائة وخمسون درهماً فإنه يُفسِّر المبهم ويُقبَل منه.
وبه قال الشافعيّ.
وقال أبو حنيفة : إن عطف على العدد المبهم مكيلاً أو موزوناً كان تفسيراً ؛ كقوله : مائة وخمسون درهماً ؛ لأن الدرهم تفسير للخمسين، والخمسين تفسير للمائة.
وقال ابن خيران الإصطخري من أصحاب الشافعيّ : الدرهم لا يكون تفسيراً في المائة والخمسين إلا للخمسين خاصة ويُفَسِّر هو المائة بما شاء.
المسألة الرابعة قوله تعالى :﴿ وَلَوْ ألقى مَعَاذِيرَهُ ﴾ ومعناه لو اعتذر بعد الإقرار لم يُقبل منه.
وقد اختلف العلماء فيمن رجع بعد ما أقرّ في الحدود التي هي خالص حقّ الله ؛ فقال أكثرهم منهم الشافعيّ وأبو حنيفة : يقبل رجوعه بعد الإقرار.
وقال به مالك في أحد قوليه، وقال في القول الآخر : لا يقبل إلا أن يذكر لرجوعه وجهاً صحيحاً.
والصحيح جواز الرجوع مطلقاً ؛ لما روى الأئمة منهم البخاري ومسلم " أن النبيّ ﷺ رد المقرّ بالزنى مراراً أربعاً كل مرّة يُعرِض عنه، ولما شهد على نفسه أربع مرات دعاه النبيّ ﷺ وقال :"أبكَ جنون" قال : لا.