و ﴿ المَفَر ﴾ : بفتح الميم وفتح الفاء مصدر، والاستفهام مستعمل في التمني، أي ليت لي فراراً في مكان نجاة، ولكنه لا يستطيعه.
و﴿ أين ﴾ ظرف مكان.
و﴿ كلا ﴾ ردع وإبطال لما تضمنه ﴿ أين المفر ﴾ من الطمع في أن يجد للفرار سبيلاً.
و﴿ الوَزر ﴾ : المكان الذي يُلجأ إليه للتوقي من إصابة مكروه مثل الجبال والحصون.
فيجوز أن يكون ﴿ كلاّ لا وَزَر ﴾ كلاماً مستأنفاً من جانب الله تعالى جواباً لمقالة الإِنسان، أي لا وزر لكَ، فينبغي الوقفُ على ﴿ المفر ﴾.
ويجوز أن يكون من تمام مقالة الإِنسان، أي يقول : أين المفر؟ ويجيب نفسه بإبطال طعمه فيقول ﴿ كَلاّ لا وزَر ﴾ أي لا وزر لي، وذلك بأن نظر في جهاته فلم يجد إلاّ النار كما ورد في الحديث، فيحسن أن يُوصل ﴿ أين المفر ﴾ بجملة ﴿ كلا لا وَزَر ﴾.
وأما قوله :﴿ إلى ربك يومئذٍ المستقرّ ﴾ فهو كلام من جانب الله تعالى خاطب به النبي ﷺ في الدنيا بقرينة قوله :﴿ يومئذٍ ﴾، فهو اعتراض وإدْماج للتذكير بمُلك ذلك اليوم.
وفي إضافة ( رب ) إلى ضمير النبي ﷺ إيماء إلى أنه ناصره يومئذٍ بالانتقام من الذين لم يقبلوا دعوته.
و﴿ المستقَرّ ﴾ : مصدر ميمي من استقَرّ، إذا قَرّ في المكان ولم ينتقل، والسين والتاء للمبالغة في الوصف.
وتقديم المجرور لإِفادة الحصر، أي إلى ربك لا إلى ملجأ آخر.
والمعنى : لا ملجأ يومئذٍ للإِنسان إلاّ منتهياً إلى ربك، وهذا كقوله تعالى :﴿ وإلى الله المصير ﴾ [ آل عمران : ٢٨ ].
وجملة ﴿ يُنَبَّأ الإِنسانُ يومئذٍ بما قدّم وأخَّر ﴾ مستأنفة استئنافاً بيانياً أثارهُ قوله :﴿ إلى ربك يومئذٍ المستقر ﴾، أو بدل اشتمال من مضمون تلك الجملة، أي إلى الله مصيرهم وفي مصيرهم يُنبأون بما قدموا وما أخروا.


الصفحة التالية
Icon