سنة، وأفواج الملائكة وأنواع الغمام بأصوات التسبيح، لهم هرج عظيم لا تطيقه العقول حتى يستقر العرش في تلك الأرض البيضاء التي خلقها الله تعالى لهذا الشأن خاصة، فتطرق الرؤوس وتخنس وتشفق البرايا وترعب الأنبياء وتخاف العلماء وتفزع الأولياء والشهداء من عذاب الله سبحانه الذي لا يطيق شيء إذ غشاهم نور حتى غلب عليه نور الشمس التي كانوا في حرها فلا يزالون يموج بعضهم في بعض ألف عام والجليل سبحانه لا يكلمهم كلمة واحدة، فحينئذ يذهب الناس إلى آدم فيقولون : يا أبا البشر الأمر علينا شديد، وأما الكافر فيقول : يا رب أرحني ولو إلى النار من شدة ما يرى من الهول. يقولون : أنت الذي خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته ونفخ فيك من روحه اشفع لنا في فصل القضاء، وذكر أمر الشفاعة من نبي إلى نبي وأن ما بين إتيانهم من نبي إلى نبي ألف عام حتى تنتهي الشفاعة إلى نبينا محمد ﷺ على ما يأتي بيانه من أمر الشفاعة في أحاديث إن شاء الله تعالى، ونحو من هذا ذكره الفقيه أبو بكر بن برجان في كتاب الإرشاد له قال : فإذا كان يومئذ جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد وكورت الشمس وانكدرت النجوم ومارت السماء فوق الخلائق موراً، وتفطرت من عظيم هول ذلك اليوم، وتشققت بالغمام المنزل من عليهن فوقهن، ثم صارت وردة كالدهان وكشطن سماء سماء، ونزلت الملائكة تنزيلاً، وقام الخلائق وطال قيامهم أقل ما قيل في قيامهم مقدار أربعين عاماً إلى ثلاثمائة عام، وأياماً كان فاليوم يسعه قال رسول الله ﷺ ما من صاحب إبل الحديث وفيه وردت عليها أولاها. في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، وسيأتي بكماله وهم في قيامهم ذلك في الظلمة دون الجسر كما في صحيح مسلم من حديث ثوبان عراة غرلاً. أعطش ما كانوا وأجوع ما كانوا عليه قط عراة فلا يسقى ذلك اليوم إلا من سقى لله عز وجل، ولا يطعم إلا من