جاء فى التفسير: بلى نقدر على أن نسوى بنانه، أى: أن نجعل أصابعه مصمّتة غير مفصلة كخف البعير، فقال: بلى قادرين على أن نعيد أصغر العظام كما كانت، وقوله: "قادرين" نصبت على الخروج من "نجمع"، كأنك قلت فى الكلام: أتحسب أن لن نقوى عليك، بلى قادرين على أقوى منك. يريد: بلى نقوى قادرين، بلى نقوى مقتدرين على أكثر من ذا. ولو كانت رفعا على الاستئناف، كأنه قال: بلى نحن قادرون على أكثر من ذا ـ كان صوابا.
وقول الناس: بلى نقدر، فلما صرفت إلى قادرين نصبت ـ خطأٌ ؛ لأن الفعل لا ينصب بتحويله من يفعل إِلى فاعل. ألا ترى أنك تقول: أتقوم إلينا ؛ فإن حولتها إلى فاعل قلت: أقائم، وكان خطأ أن تقول: أقائماً أنت إِلينا؟ وقد كانوا يحتجون بقول الفرزدق:
على قسَمٍ لا أشتم الدهر مسلما * ولا خارجا مِنْ فىَّ زورُ كلام
فقالوا: إنما أراد: لا أشتم، ولا يخرج، فلما صرفها إلى خارج نصبها، وإِنما نصب لأنه أراد: عاهدتُ ربى لا شاتما أحدا، ولا خارجاً من فىّ زور كلام. وقوله: لا أشتم فى موضع نصب [/ب].
﴿ بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ...﴾.
[حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد] قال حدثنا الفراء قال: وحدثنى قيس عن أبى حصين عن سعيد بن جبير فى قوله: ﴿بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ قال: يقول: سوف أتوب سوف أتوب. وقال الكلبى: يُكثر الذنوبَ، ويؤخر التوبة.
﴿ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ...﴾.
قرأها الأعمش وعاصم والحسن وبعضُ أهل المدينة (بَرِق) بكسر الراء، وقرأها نافع المدنى "فإِذ بَرَق البصر" بفتح الراءِ من البريق: شخص، لمن فتح، وقوله "بَرق": فزع، أنشدنى بعض العرب:
نَعَانِى حَنانةُ طُوبالةً * تُسَفُّ يَبيسًا من العِشْرِقِ
فنفسَكَ فَانْعَ ولا تَنْعَنِى * وداوِ الكُلُومَ ولا تَبْرَقِ


الصفحة التالية
Icon