و من قال ان ناظرة بمعنى منتظرة، فقد أخطأ لأن العرب لا تقول نظرت إلى الشيء بمعنى انتظرته بل تقول نظرت فلانا أي انتظرته قال الحطيئة :
وقد نظرتكم أعشاء صادرة للورد طال بها حوري وتنساسي
وعليه إذا قلت نظرت إليه فلا يكون إلا بالعين، أما إذا قلت نظر بالأمر احتمل معنى تفكر وتدبر بعقله ولأن الوجه إذا وصف بالنظر لا يحتمل غير الرؤية ولا يعدى بإلى إلا إذا كان بمعنى الرؤية.
مطلب رؤية اللّه في الآخرة :
وقد أجمعت أهل السنة والجماعة على جواز رؤية المؤمنين ربهم بالآخرة دون الكافرين، قال تعالى (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) الآية ١٥ من المطففين في ج ٢ فيفهم منها صراحة ان المؤمنين غير محجوبين عن رؤيته، وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة واجماع الأئمة الأصحاب فمن بعدهم من السلف الصالح والخلف الناجح على إثبات رؤية اللّه تعالى وقد روى ذلك أكثر من عشرين صحابيا وان الرؤية
قوة يجعلنها اللّه فيمن يوفق لها، ولا يشترط فيها اتصال ولا مقابلة ولا سعة ولا غير ذلك ومن أنكرها فجزاؤه حرمانها.
روى البخاري ومسلم عن جرير بن عبد اللّه البجلي، قال كنا عند رسول اللّه فنظر إلى القمر ليلة البدر وقال انكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر لا تضامون (بفتح التاء أي لا ينال أحدكم ضيم إذ ترونه جميعكم وبضمها مع تشديد الميم أي لا ينضم بعضكم إلى بعض ولا تزدحمون وقت النظر إليه) في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) الآية ٣٩ من سورة ق الآتية.