وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) ﴾
قال جمهور المتأولين : هذه الآية كلها إنما نزلت في أبي جهل بن هشام.
قال القاضي أبو محمد : ثم كادت هذه الآية أن تصرح له في قوله تعالى :﴿ يتمطى ﴾ فإنها كانت مشية بني مخزوم، وكان أبو جهل يكثر منها، وقوله تعالى :﴿ فلا صدق ولا صلى ﴾ تقديره فلم يصدق ولم يصل، وهذا نحو قول الشاعر [ طرفة بن العبد ] :[ الطويل ]
فأي خميس فإنا لا نهابه... وأسيافنا يقطرن من كبشه دما
وقول الآخر [ أبي خيراش الهذلي ] :[ الرجز ]
إن تغفر اللهم تغفر جمّا... وأي عبد لك لا ألمَّا
﴿ فلا ﴾ في الآية عاطفة، و﴿ صدق ﴾ معناه برسالة الله ودينه، وذهب قوم إلى أنه من الصدقة، والأول أصوب، و﴿ يتمطى ﴾ معناه يمشي المطيطى وهي مشية بتبختر قال زيد بن أسلم : كانت مشية بني مخزوم، وهي مأخوذة من المطا وهو الظهر لأنه يتثنى فيها، وقال النبي ﷺ :" إذا مشت أمتي المطيطى وخدمتهم الروم وفارس سلط بعضهم على بعض " وقال مجاهد : نزلت هذه الآية في أبي جهل. وقوله تعالى :﴿ أولى لك ﴾ وعيد ثان ثم كرر ذلك تأكيداً، والمعنى ﴿ أولى لك ﴾ الازدجار والانتهاء وهو مأخوذ من ولى، والعرب تستعمل هذه الكلمة زجراً، ومنه قوله تعالى :﴿ فأولى لهم طاعة ﴾ [ محمد : ٢٠ ]، وروي أن رسول الله ﷺ لبب أبا جهل يوماً في البطحاء وقال له :" إن الله يقول لك ﴿ أولى لك فأولى ﴾ "، فنزل القرآن على نحوها. وفي شعر الخنساء :[ المتقارب ]
سئمت بنفسي كل الهموم... فأولى لنفسي أولى لها


الصفحة التالية
Icon